إليه من شهواتها. ومن ذلك هجران إخوان السوء، والتباعد عن الأوطان التي باشر العبد فيها الزّلة، ثم الهجرة من أوطان الحظوظ إلى أوطان رضاء الحق «1» .
وأما قوله «وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا» فهم الذين يؤثرون إخوانهم على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، عوامّ هؤلاء فى الأمور الدنيوية، وخواصّهم فى الكرائم فى الآخرة، وخاصّ الخاصّ فى كل ما يصحّ به الإثبات من سنّى الأحوال إلى ما لا يدرك الوهم.
قوله جل ذكره:
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (73) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)
قطع العصمة بينهم وبين المؤمنين، فالمؤمن للأجانب مجانب، وللأقارب مقارب.
والكفّار بعضهم لبعضهم، كما قيل: «طير السماء على ألّافها تقع» .
قوله جل ذكره:
وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75)
يريد من سلك مسلكهم فى الحال، ومن سيلحق بهم فى الاستقبال وآتى الأحوال فالالفة تجمعهم، والولاية تشملهم، فلهم من الله فى العقبى جزيل الثواب، والنجاة من العذاب.
ولهم فى الدنيا الولاية والتناصر، والمودة والتقارب، والله أعلم.