الغنيمة ما أخذه المؤمنون من أموال الكفار إذا ظفروا عند المجاهدة والقتال معهم.
فإذا لم يكن قتال- أو ما فى معناه- فهو فىء.
والجهاد قسمان: جهاد الظاهر مع الكفار، وجهاد الباطن مع النّفس والشيطان وهو الجهاد الأكبر- كما فى الخبر «1» وكما أن فى الجهاد الأصغر غنيمة عند الظّفر، ففى الجهاد الأكبر غنيمة، وهو أن يملك العبد نفسه التي كانت فى يد العدو: الهوى والشيطان. فبعد ما كانت ظواهره مقرّا للأعمال الذميمة، وباطنه مستقرا للأحوال الدّنيّة يصير محلّ الهوى مسكن الرّضا، ومقرّ الشهوات والمني مسلّما لما يرد عليه من مطالبات المولى وتصير النّفس مستلبة من أسر «2» الشهوات، والقلب مختطفا من وصف الغفلات، والرّوح منتزعة من أيدى العلاقات، والسّرّ مصونا عن الملاحظات. وتصبح غاغة النّفس منهزمة، ورياسة الحقوق بالاستجابة لله خافقة.
وكما أن من جملة الغنيمة سهما لله وللرسول، وهو الخمس فمما هو غنيمة- على لسان الإشارة- سهم خالص لله وهو ما لا يكون للعبد فيه نصيب، لا من كرائم العقبى، ولا من ثمرات التقريب، ولا من خصائص الإقبال، فيكون العبد عند ذلك محرّرا عن رقّ كل نصيب، خالصا لله بالله، يمحو ما سوى الله، كما قيل:
من لم يكن بك فانيا عن حظّه ... وعن الهوى والإنس والأحباب
فكأنه- بين المراتب- واقف ... لمنال حظّ أو لحسن ثواب
قوله جل ذكره:
إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42)