أي: ما خدعك وما سوّل لك حتى عملت «1» بمعاصيه؟
ويقال: سأله وكأنما في نفس السؤال لقّنه الجواب يقول: غرّنى كرمك بي، ولولا كرمك لما فعلت لأنّك رأيت فسترت، وقدّرت فأمهلت.
ويقال: إن المؤمن «2» وثق بحسن إفضاله فاغترّ بطول إمهاله فلم يرتكب الزلّة لاستحلاله، ولكنّ طول حلمه عنه حمله على سوء خصاله، وكما قلت «3» :
يقول مولاى: أما تستحى ... مما أرى من سوء أفعالك
قلت: يا مولاى رفقا فقد ... جرّأنى «4» كثرة أفضالك
قوله جل ذكره:
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (10) كِراماً كاتِبِينَ (11)
يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (12)
أي: ركّب أعضاءك على الوجوه الحكميّة «5» فى أي صورة ماشاء، من الحسن والقبح، والطول والقصر. ويصح أن تكون الصورة هنا بمعنى الصّفة، و «فِي» بمعنى «على» فيكون معناه: على أي صفة شاء ركّبك من السعادة أو الشقاوة، والإيمان أو المعصية..
قوله جل ذكره: «كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ» أي: القيامة «6» .
«وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ» هم الملائكة الذين يكتبون الأعمال. وقد خوّفهم برؤية الملائكة وكتابتهم الأعمال لتقاصر