يختار ما يشاء ومن يشاء من جملة ما يخلق. ومن ليس إليه شىء من الخلق.

فما له والاختيار؟! الاختيار للحقّ استحقاق عزّ يوجب أن يكون ذلك له، لأنّه لو لم ينفّذ مشيئته واختياره لم يكن بوصف العزّ، فمن بقي عن مراده لا يكون إلّا ذليلا فالاختيار للحقّ نعت عزّ، والاختيار للخلق صفة نقص ونعت بلاء وقصور فاختيار العبد غير مبارك عليه لأنّه صفة هو غير مستحقّ لها، ومن اتصف بما لا يليق به افتضح في نفسه، قال قائلهم:

ومعال إذا ادّعاها سواه ... لزمته جناية السّرّاق

والطينة إذا ادّعت ما هو صفة الحقّ أظهرت رعونتها، فما للإنسان والاختيار؟! وما للمملوك والملك؟! وما للعبيد والتصدّر في دست «1» الملوك؟! قال تعالى: «ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ» «2» قوله جل ذكره:

[سورة القصص (28) : آية 69]

وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (69)

ولم لا وقد قال: «أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» ؟ فالعلم- الذي لا يعزب عنه معلوم- نعت من لم يزل، والإبداع من العدم إلى الوجود يتفرّد بالقدرة عليه لم يزل.

قوله جل ذكره:

[سورة القصص (28) : آية 70]

وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (70)

«لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» : توحّد بعزّ هيبته، وتفرّد بجلال ربوبيته، لا شبيه يساويه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015