فيقول: يا ربّ.. لم يعطنى أحد حسنة من حسناته.

فيقول الله- سبحانه: عبدى.. ألم يكن لك صديق (فيّ) «1» ؟

فيتذكر العبد ويقول: فلان كان صديقا لى.

فيدله الحقّ عليه، فيأتيه ويكلّمه في بابه، فيقول: بلى، لى عبادات كثيرة قبلها اليوم فقد وهبتك منها، فيسير هذا العبد ويجىء إلى موضعه، ويخبر ربّه بذلك، فيقول الله- سبحانه: قد قبلتها منه، ولن أنقص من حقّه شيئا، وقد غفرت لك وله، وهذا معنى قوله:

«فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ» قوله جل ذكره:

[سورة الشعراء (26) : الآيات 105 الى 111]

كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ (106) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (107) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (108) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (109)

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (110) قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (111)

ذكر قصة نوح وما لقى من قومه، وأنهم قالوا: - «قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ؟» إنّ أتباع كلّ رسول إنما هم الأضعفون، لكنهم- فى حكم الله- هم المتقدّمون الأكرمون. قال عليه السلام: «نصرت بضعفائكم» .

وإنّ الله أغرق قومه لمّا أصرّوا واستكبروا.

وكذلك فعل بمن ذكرتهم الآيات في هذه السورة من عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين.. كلّ منهم قابلوا رسلهم بالتكذيب، فدمّر الله عليهم أجمعين، ونصر رسوله على مقتضى سنّته الحميدة فيهم. وقد ذكر الله قصة كل واحد منهم ثم أعقبها بقوله: -

[سورة الشعراء (26) : آية 122]

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (122)

«الْعَزِيزُ» : القادر على استئصالهم، «الرَّحِيمُ» الذي أخّر العقوبة عنهم بإمهالهم، ولم يقطع الرزق مع قبح فعالهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015