يستمكنون فى مواطن الصدق لا يبرحون عنها ليلا ونهارا، وقولا وفعلا. وإذا مروا بأصحاب الزلات ومساكن المخالفات مروا متمكنين معرضين لا بساكنون أهل تلك الحالة.
ويقال نزلت الآية فى أقوام مرّوا- لمّا دخلوا مكة بأبواب البيوت التي كانوا يعبدون فيها الأصنام مرة- متكرمين دون أن يلاحظوها أو يلتفتوا إليها فشكر الله لهم ذلك.
ثم قال فى صفتهم: «وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً» :
بل قابلوها بالتفكير والتأمل، واستعمال النظر.
قوله جل ذكره:
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (74)
قرة العين من به حياة الروح، وإنما يكون كذلك إذا كان بحقّ الله قائما.
ويقال قرة العين من كان لطاعة ربه معانقا، ولمخالفة أمره مفارقا.
«وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً» الإمام من يقتدى به ولا يبتدع.
ويقال إن الله مدح أقواما ذكروا رتبة الإمامة فسألوها بنوع تضرع، ولم يدّعوا فيها اختيارهم فالإمامة بالدعاء لا بالدعوى، فقالوا: «وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً» .
قوله جل ذكره:
[سورة الفرقان (25) : آية 75]
أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً (75)
يعطى- سبحانه- الكثير من عطائه ويعده قليلا، ويقبل اليسير من طاعة العبد ويعده كثيرا عظيما، يعطيهم الجنة قصورا وحورا ثم يقول: «أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ» ، ويقبل اليسير من العبد فيقول: «فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ» «1» .