ويقال خلق القلوب على وصفين: قلب المؤمن مضيئا (مشرقا «1» ) وقلب الكافر أسود مظلما، هذا بنور الإيمان مزيّن، وهذا بظلمة الجحود معلّم.
ويقال قلوب العوام فى أسر المطالب ورغائب الحظوظ، وقلوب الخواصّ معتقة عن المطالب، مجرّدة عن رقّ الحظوظ.
قوله جل ذكره:
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً (54)
الخلق متشاكلون فى أصل الخلقة، متماثلون فى الجوهرية، متباينون فى الصفة، مختلفون فى الصورة فنفوس الأعداء مطاياهم تسوقهم إلى النار، ونفوس المؤمنين مطاياهم تحملهم إلى الجنة. والخلق بشر.. ولكن ليس كلّ بشر كبشر واحد عدوّ لا يسعى إلا فى مخالفته، ولا يعيش إلا بنصيبه وحظّه، ولا يحتمل الرياضة ولا يرتقى عن حدّ الوقاحة والخساسة، وواحد ولىّ لا يفتر عن طاعته، ولا ينزل عن همّته، فهو فى سماء تعززه بمعبوده.
وبينهما للناس مناهل ومشارب فواحد يكون كما قال:
[سورة الفرقان (25) : آية 55]
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً (55)
يكتفى بالمنحوت من الخشب، والمصنوع من الصّخر، والمتّخذ من النحاس، وكلّها جمادات لا تعقل ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع.
أما المؤمن فإنّ من صفاته أنّه لا يلتفت إلى العرش- وإن علا، ولا ينقاد بقلبه لمخلوق- وإنّ اتصف بمناقب لا تحصى