يندم الكافر على صحبة الكفار. ودليل الخطاب يقتضى سرور المؤمنين بمصاحبة أخدانهم وأحبائهم فى الله، وأمّا الكافر فيضلّ صاحبه فيقع معه فى الثبور، ولكن المؤمن يهدى صاحبه إلى الرشد فيصل به إلى السرور.
قوله جل ذكره:
وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً (31)
شكا إلى الله منهم، وتلك سنة المرسلين أخبر الله عن يعقوب- عليه السلام- أنه قال: ِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ»
فمن شكا من الله فهو جاحد، ومن شكا إلى الله فهو عارف واجد.
ثم إنه أخبر أنه لم يخل نبيا من أنبيائه صلوات الله عليهم إلا سلّط عليه عدوّا فى وقته، إلا أنّه لم يغادر من أعدائهم أحدا، وأذاقهم وبال ما استوجبوه على كفرهم وغيّهم.
قوله جل ذكره: وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً.
كفى بربك اليوم هاديا إلى معرفته، وغدا نصيرا على رؤيته.
ويقال آخر فتنة للمؤمنين ما ورد فى الخبر: أن كل أمة ترى فى القيامة الصنم الذي عبدوه يتبعونه فيحشرون إلى النار، فيلقون فيها ويبقى المؤمنون، فيقال لهم: ما وقفكم؟ فيقولون:
إنهم رأوا معبودهم فتبعوه ونحن لم نر معبودنا! فيقال لهم: ولو رأيتموه.. فهل تعرفونه؟
فيقولون: نعم. فيقال لهم: بم تعرفونه؟
فيقولون: بيننا وبينه علامة. فيريهم شيئا فى صورة شخص فيقول لهم: أنا معبودكم فيقولون: معاذ الله.. نعوذ بالله منك! ما عبدناك. فيتجلّى الحقّ لهم فيسجدون له.