دَداً كنَدًى، ودَدَن كبَدَن، قَالَ: وَلَا يَخْلُو الْمَحْذُوفُ مِنْ أَن يَكُونَ ياءَ كَقَوْلِهِمْ يَدٌ فِي يَدْيٍ، أَو نُونًا كَقَوْلِهِمْ لَدُ فِي لَدُنْ، وَمَعْنَى تَنْكِيرِ الدَّدَ فِي الأُولى الشِّياعُ والاستغراقُ، وأَن لَا يَبْقَى شيءٌ مِنْهُ إِلّا وَهُوَ منزَّه عَنْهُ أَي مَا أَنا فِي شيءٍ مِنَ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، وتعريفُه فِي الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ لأَنه صَارَ مَعْهُودًا بِالذِّكْرِ كأَنه قَالَ: وَلَا ذَلِكَ النوعُ منِّي، وإِنما لَمْ يقُل وَلَا هُوَ منِّي لأَنَّ الصَّرِيحَ آكَدُ وأَبلغ، وَقِيلَ: اللَّامُ فِي الدَّدِ لِاسْتِغْرَاقِ جِنْسِ اللَّعِبِ أَي وَلَا جِنْسُ اللعب مني، سواء كان الَّذِي قُلْتُهُ أَو غيرَه مِنْ أَنواع اللهوِ وَاللَّعِبِ، قَالَ: وَاخْتَارَ الزَّمَخْشَرِيُّ الأَول وَقَالَ: لَيْسَ يَحْسُن أَن يَكُونَ لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ وَيَخْرُجُ عَنِ الْتِئَامِهِ، وَالْكَلَامُ جُمْلَتَانِ، وَفِي الْمَوْضِعَيْنِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: مَا أَنا مِنْ أَهلِ دَدٍ وَلَا الدَّدُ مِنْ أَشغالي، وَقَالَ الأَحمر: فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ، يُقَالُ لِلَّهْوِ ددٌ مِثْلُ يَدٍ، ودَداً مِثْلُ قَفًا وَعَصًا، ودَدَنٌ مِثْلُ حَزَن؛ وأَنشد لِعَدِيٍّ:
أَيُّها القَلْبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ، ... إِنَّ هَمِّي فِي سَماعٍ وأَذَنْ
. وَقَالَ الأَعشى:
أَتَرْحَلُ مِنْ لَيْلَى، ولَمَّا تَزوّدِ، ... وكنتَ كَمَنْ قَضى اللُّبانةَ مِنْ دَدِ.
ورأَيت بِخَطِّ الشَّيخ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطبي اللُّغَوِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي بَعْضِ الأُصول: دَدّ، بِتَشْدِيدِ الدَّالِ، قَالَ: وَهُوَ نَادِرٌ ذَكَرَهُ أَبو عُمَرَ الْمَطْرَزِيُّ؛ قَالَ أَبو مُحَمَّدِ بْنُ السَّيِّدِ: وَلَا أَعلم أَحداً حَكَاهُ غَيْرَهُ، قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وَنَظِيرُ دَدَنٍ ودَداً ودَدٍ فِي اسْتِعْمَالِ اللَّامِ تَارَةً نُونًا، وَتَارَةً حَرْفَ عِلَّةٍ، وَتَارَةً مَحْذُوفَةً لدُنْ ولَداً ولَدُ، كلُّ ذَلِكَ يُقَالُ؛ وَقَالَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ دَعَبَ: قَالَ الطرمَّاح:
واستَطْرَقَتْ ظُعْنُهمْ. لمَّا احزأَلَّ بِهِمْ، ... مَعَ الضُّحَى، ناشِطٌ من داعِبات دَدِ (?)
قَالَ: يَعْنِي اللَّواتي يَمْزَحْن ويَلْعَبْن ويُدأْدِدْن بأَصابعهنَّ والدَّدُ: هُوَ الضرْب بالأَصابع فِي اللَّعِبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي هَذَا البيتَ:
مِنْ داعِبٍ دَدِدِ
يَجْعَلُهُ نَعْتًا لِلدَّاعِبِ ويَكْسَعُه بِدَالٍ أُخرى لِيَتِمّ النَّعْتُ، لأَنَّ النَّعت لَا يَتَمَكَّنُ حَتَّى يَصِيرَ ثَلَاثَةَ أَحرف، فإِذا اشْتقوا مِنْهُ فِعْلًا أَدخلوا بَيْنَ الأُوليين هَمْزَةً لِئَلَّا تَتَوَالَى الدَّالَاتُ فَتَثْقُلَ فَيَقُولُونَ: دأْدَدَ يُدَأْدِدُ دأْددة؛ قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
يَعُدّ زأْراً وهَدِيراً زَغْدَبا، ... بَعْبَعَة مَرّاً، ومَرّاً بَأْبَبَا (?)
وإِنما حَكَى خَرَسًا شَبَّهَ بِبَبٍ فَلَمْ يَسْتَقِمْ فِي التَّصْرِيفِ إِلَّا كَذَلِكَ (?) وَقَالَ آخَرُ يَصِفُ فَحْلًا:
يَسوقُها أَعْيَسُ هدَّارٌ بببْ، ... إِذا دَعاها أَقْبَلَتْ لَا تَتَّئِبْ
. والدَّيْدنُ: الدأْب وَالْعَادَةُ، وَهِيَ الدَّيْدانُ؛ عَنِ ابْنِ جِنِّي؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
وَلَا يَزال عندَهُمْ حَفَّانُهُ، ... دَيْدانُهُمْ ذَاكَ، وَذَا دَيْدانُهُ
. والدَّيْدَبُونُ: اللَّهْوُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
خَلُّوا طَريقَ الدَّيْدَبُونِ، فَقَدْ ... فَاتَ الصِّبا، وتَفاوَتَ البُجْر.