لسان العرب (صفحة 6416)

يَقُوم بأَمرها وَمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَقَامَ بأَمر كَذَا. وَقَامَ الرجلُ عَلَى المرأَة: مانَها. وَإِنَّهُ لَقَوّام عَلَيْهَا: مائنٌ لَهَا. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ

؛ وَلَيْسَ يُرَادُ هَاهُنَا، وَاللَّهُ أَعلم، القِيام الَّذِي هُوَ المُثُولُ والتَّنَصُّب وَضِدُّ القُعود، إِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ قُمْتُ بأَمرك، فَكَأَنَّهُ، وَاللَّهُ أَعلم، الرِّجَالُ مُتكفِّلون بأُمور النساء مَعْنِيُّون بشؤونهن، وَكَذَلِكَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ

؛ أَي إِذَا هَمَمْتم بِالصَّلَاةِ وتَوَجّهْتم إِلَيْهَا بالعِناية وَكُنْتُمْ غَيْرَ مُتَطَهِّرِينَ فَافْعَلُوا كَذَا، لَا بُدَّ مِنْ هَذَا الشَّرْطِ لأَن كُلَّ مَنْ كَانَ عَلَى طُهر وأَراد الصَّلَاةَ لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْل شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، لَا مرتَّباً وَلَا مُخيراً فِيهِ، فَيَصِيرُ هَذَا كَقَوْلِهِ: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا؛ وَقَالَ هَذَا، أَعني قَوْلَهُ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ

فَافْعَلُوا كَذَا، وَهُوَ يُرِيدُ إِذَا قُمْتُمْ وَلَسْتُمْ عَلَى طَهَارَةٍ، فَحَذَفَ ذَلِكَ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَحد الِاخْتِصَارَاتِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ وَهُوَ كَثِيرٌ جِدًّا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:

إِذَا مُتُّ فانْعِينِي بِمَا أَنا أَهْلُه، ... وشُقِّي عَلَيَّ الجَيْبَ، يَا ابنةَ مَعْبَدِ

تأْويله: فَإِنْ مُتُّ قَبْلَكِ، لَا بُدَّ أَن يَكُونَ الْكَلَامُ مَعْقوداً عَلَى هَذَا لأَنه مَعْلُومٌ أَنه لَا يُكَلِّفُهَا نَعْيَه والبُكاء عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهَا، إِذِ التكليفُ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَالْمَيِّتُ لَا قُدْرَةَ فِيهِ بَلْ لَا حَياة عِنْدَهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ. وأَقامَ الصَّلَاةَ إِقَامةً وإِقَاماً؛ فإِقَامةً عَلَى الْعِوَضِ، وإِقَاماً بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَأَقامَ الصَّلاةَ*

. وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: مَا أَدري أَأَذَّنَ أَو أَقَامَ؛ يَعْنُونَ أَنهم لَمْ يَعْتَدّوا أَذانَه أَذاناً وَلَا إقامَته إِقَامَةً، لأَنه لَمْ يُوفِّ ذَلِكَ حقَّه، فَلَمَّا وَنَى فِيهِ لَمْ يُثبت لَهُ شَيْئًا مِنْهُ إِذْ قَالُوهَا بأَو، وَلَوْ قَالُوهَا بأَم لأَثبتوا أَحدهما لَا مَحَالَةَ. وَقَالُوا: قَيِّمُ الْمَسْجِدِ وقَيِّمُ الحَمَّام. قَالَ ثَعْلَبٌ: قَالَ ابْنُ ماسَوَيْهِ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَن يَكُونَ فِي الشِّتَاءِ كقَيِّم الحَمَّام، وأَما الصَّيْفُ فهو حَمَّام كله وَجَمْعُ قَيِّم عِنْدَ كُرَاعٍ قَامَة. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَن قَامَة إِنَّمَا هُوَ جَمْعُ قَائِم عَلَى مَا يَكْثُرُ فِي هَذَا الضَّرْبِ. والمِلَّة القَيِّمة: المُعتدلة، والأُمّة القَيِّمة كَذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ

؛ أَيْ الأُمَّة الْقَيِّمَةُ. وَقَالَ أَبو العباس والمبرد: هَاهُنَا مُضْمَرٌ، أَراد ذَلِكَ دِينُ الملَّةِ الْقَيِّمَةِ، فَهُوَ نعت مضمرٍ محذوفٌ محذوقٌ؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا مِمَّا أُضيف إِلَى نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ لَفْظَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَا، وَقِيلَ: الْهَاءُ فِي القَيِّمَة لِلْمُبَالَغَةِ، وَدِينٌ قَيِّمٌ كَذَلِكَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ:

دِينًا قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ.

وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ وَقَدْ قُرئ دِيناً قِيَماً

أَيْ مُسْتَقِيمًا. قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: القَيِّمُ هُوَ المُسْتَقيم، والقِيَمُ: مَصْدَرٌ كالصِّغَر والكِبَر إِلَّا أَنه لَمْ يُقل قِوَمٌ مِثْلَ قَوْلِهِ: لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا؛ لأَن قِيَماً مِنْ قَوْلِكَ قَامَ قِيَماً، وقَامَ كَانَ فِي الأَصل قَوَمَ أَو قَوُمَ، فَصَارَ قَامَ فَاعْتَلَّ قِيَم، وأَما حِوَلٌ فَهُوَ عَلَى أَنه جَارٍ عَلَى غَيْرِ فِعْل؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: قِيَماً مَصْدَرٌ كَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، وَكَذَلِكَ دِينٌ قَوِيم وقِوَامٌ. وَيُقَالُ: رُمْحٌ قَوِيمٌ وقَوَامٌ قَوِيمٌ أَي مُسْتَقِيمٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِكَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ:

فَهُمْ ضَرَبُوكُم حِينَ جُرْتم عَنِ الهُدَى ... بأَسْيافهم، حتَّى اسْتَقَمْتُمْ عَلَى القِيَمْ (?)

. وَقَالَ حَسَّانُ:

وأَشْهَدُ أَنَّكَ، عِنْد المَلِيكِ، ... أُرْسِلْتَ حَقّاً بِدِينٍ قِيَمْ

قَالَ: إِلَّا أَنَّ القِيَمَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِاسْتِقَامَةِ. وَاللَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015