وَقَالَ جَرِيرٌ:
أَبَنِي أُسَيْدٍ، قَدْ وَجَدْتُ لِمازِنٍ ... قَدَماً، وَلَيْسَ لكمْ قُدَيْمٌ يُعْلَمُ
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: إِنَّا عَلَى مَنازِلنا مِنْ كِتَابِ اللَّه وقِسْمةِ رَسوله والرَّجلُ وقَدَمُه وَالرَّجُلُ وبَلاؤه
أَي أَفْعاله وتقَدُّمُه فِي الْإِسْلَامِ وسَبْقُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ
، أَي سابِقَ خَيْرٍ وأَثراً حَسَنًا، قَالَ الأَخفش: هُوَ التَّقْدِيمُ كأَنه قَدَّمَ خَيْرًا وَكَانَ لَهُ فِيهِ تَقْدِيمٌ، وَكَذَلِكَ القُدْمة، بِالضَّمِّ وَالتَّسْكِينِ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: رَجُلٌ قَدَمٌ وَامْرَأَةٌ قَدَمةٌ يَعْنِي أَن لَهُمَا قدَم صِدْقٍ فِي الْخَيْرِ، قِيلَ: وقَدَمُ الصدقِ الْمَنْزِلَةُ الرفيعةُ وَالسَّابِقَةُ، وَالْمَعْنَى أَنه قَدْ سَبَقَ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهُ خَيْرٌ، قَالَ: وَلِلْكَافِرِ قَدم شَرٍّ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وأَنتَ امْرُؤٌ مِنْ أَهلِ بَيْتِ ذُؤابَةٍ، ... لَهُمْ قَدَمٌ مَعْروفةٌ ومَفَاخِرُ
قَالُوا: القَدَمُ وَالسَّابِقَةُ مَا تقَدَّموا فِيهِ غَيْرَهُمْ. وَرُوِيَ
عَنْ أَحمد بْنِ يَحْيَى: قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ
، القدَم كُلُّ مَا قَدَّمْت مِنْ خَيْرٍ.
وتَقَدَّمَتْ فِيهِ لِفُلَانٍ قَدَمٌ أَي تقَدُّمٌ فِي الْخَيْرِ. ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ
يَعْنِي عَمَلًا صَالِحًا قَدَّمُوهُ. أَبو زَيْدٍ: رَجُلٌ قَدَمٌ وامرأَة قَدَمٌ مِنْ رِجَالٍ وَنَسَاءٍ قَدَمٍ، وَهُمْ ذَوُو القَدَم. وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَدَمَ صِدْقٍ
: شفاعةَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وقُدّام: نَقِيضُ وَرَاءَ، وَهُمَا يُؤَنَّثَانِ وَيُصَغَّرَانِ بِالْهَاءِ: قَدَيْدِمةٌ وقُدَيْدِيمة وَوُرَيِّئة، وَهُمَا شَاذَّانِ لأَن الْهَاءَ لَا تَلْحَقُ الرُّبَاعِيَّ في التصغير، قَالَ الْقُطَامِيُّ،
قُدَيْدِمةُ التَّجْرِيبِ والحِلْمِ أَنَّني ... أَرَى غَفَلاتِ العَيْشِ قبْلَ التَّجَارِبِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: مَنْ كَسَرَ أَن استأْنف، وَمَنْ فَتَحَ فَعَلَى الْمَفْعُولِ لَهُ. وَتَقُولُ: لَقِيتُهُ قُدَيْدِيمةَ ذَلِكَ ووُرَيِّئةَ ذَلِكَ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ قُدّام مُؤَنَّثَةٌ وَإِنْ ذُكِّرَتْ جَازَ، وَقَدْ قِيلَ فِي تَصْغِيرِهِ قُدَيْديم، وَهَذَا يُقَوِّي مَا حَكَاهُ الْكِسَائِيُّ مِنْ تَذْكِيرِهَا، وَهِيَ أَيضاً القُدّامُ والقَيْدامُ والقَيْدُوم، عَنْ كُرَاعٍ. والقُدُم: المُضيّ أَمَام أَمامَ، وَهُوَ يَمْشِي القُدُمَ والقُدَمِيَّةَ (?) واليَقْدُمِيَّة والتَّقْدُمِيَّةَ إِذا مَضى فِي الْحَرْبِ. وَمَضَى القومُ التَّقْدُمِيَّةَ إِذا تَقَدّموا، قَالَ سِيبَوَيْهِ: التَّاءُ زَائِدَةٌ، وقال:
ماذا بِبَدْرٍ فالعَقَنْقَلِ ... مِن مَرازِبةٍ جَحاجِحْ
الضَّارِبينَ التَّقْدُمِيْيَةَ ... بالمُهَنَّدةِ الصَّفائِحْ
التَّهْذِيبِ: يُقَالُ مَشَى فُلَانٌ القُدَمِيَّةَ والتَّقْدُمِيّةَ إِذا تَقَدَّمَ فِي الشَّرَفِ وَالْفَضْلِ وَلَمْ يتأَخر عَنْ غَيْرِهِ فِي الإِفْضال عَلَى النَّاسِ. وَرُوِيَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قَالَ: إِن ابْنَ أَبي الْعَاصِ مَشَى القُدَمية وإِن ابن الزُّبَيْرَ لَوَى ذَنَبه
، أَراد أَن أَحدهما سَما إِلى مَعالي الأُمور فَحَازَهَا، وأَن الْآخَرَ قَصَّر عَمَّا سَمَا لَهُ مِنْهَا، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِهِ مَشَى القُدَمِيّة: قَالَ أَبو عَمْرٍو مَعْنَاهُ التبَخْتر، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنما هُوَ مَثَلٌ وَلَمْ يُرِدِ الْمَشْيَ بِعَيْنِهِ، وَلَكِنَّهُ أَراد بِهِ رَكِبَ مَعَالِيَ الأُمور، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي رِوَايَةٍ الْيَقَدُّمِيَّةُ، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ القُدَمِيّة، وَمَعْنَاهَا أَنه تَقدّم فِي الشَّرَفِ وَالْفَضْلِ عَلَى أَصحابه، قَالَ: وَالَّذِي جَاءَ فِي كُتُبِ الْغَرِيبِ اليَقْدُمِيّة والتَّقْدُمِيّة، بِالْيَاءِ وَالتَّاءِ، وَهُمَا زَائِدَتَانِ وَمَعْنَاهُمَا التَّقَدُّمُ، ورواه الأَزهري