لسان العرب (صفحة 5346)

الْحَاءِ يَقَعُ عَلَى الْمَوْضِعِ وَالزَّمَانِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَائِشَةَ: قَالَ لَهَا هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا، إِلا شَيْءٌ بَعَثَتْ بِهِ إِلينا نُسَيْبَة مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بَعَثْتَ إِليها مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: هَاتِي فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّها

أَي وَصَلَتْ إِلى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَحِلُّ فِيهِ وقُضِيَ الواجبُ فِيهَا مِنَ التَّصَدّق بِهَا، وَصَارَتْ مِلْكاً لن تُصُدِّق بِهَا عَلَيْهِ، يَصِحُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَيَصِحُّ قَبُولُ مَا أُهدي مِنْهَا وأَكله، وإِنما قَالَ ذَلِكَ لأَنه كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَكل الصَّدَقَةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَرِهَ التَّبَرُّج بِالزِّينَةِ لِغَيْرِ مَحِلِّها

؛ يجوز أَن تَكُونَ الْحَاءُ مَكْسُورَةً مِنَ الحِلِّ وَمَفْتُوحَةً مِنَ الحُلُول، أَراد بِهِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ، الْآيَةَ، والتَّبَرُّج: إِظهار الزِّينَةِ. أَبو زَيْدٍ: حَلَلْت بِالرَّجُلِ وحَلَلْته ونَزَلْت بِهِ ونَزَلْته وحَلَلْت القومَ وحَلَلْت بِهِمْ بِمَعْنًى. وَيُقَالُ: أَحَلَّ فُلَانٌ أَهله بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا إِذا أَنزلهم. وَيُقَالُ: هُوَ فِي حِلَّة صِدْق أَي بمَحَلَّة صِدْق. والمَحَلَّة: مَنْزِل الْقَوْمِ. وحَلِيلة الرَّجُلِ: امرأَته، وَهُوَ حَلِيلُها، لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحَالُّ صَاحِبَهُ، وَهُوَ أَمثل مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ إِنما هُوَ مِنَ الحَلال أَي أَنه يَحِلُّ لَهَا وتَحِلُّ لَهُ، وَذَلِكَ لأَنه لَيْسَ بِاسْمٍ شَرْعِيٍّ وإِنما هُوَ مِنْ قَدِيمِ الأَسماء. والحَلِيل والحَلِيلة: الزَّوْجان؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:

وحَلِيل غانيةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلًا، ... تَمْكُو فَرِيصَتُه كشِدْقِ الأَعْلَم

وَقِيلَ: حَلِيلَته جارَتُه، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ لأَنهما يَحُلَّان بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَالْجَمْعُ الحَلائِل؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُمِّيا بِذَلِكَ لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحَالُّ صاحبَه. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن تُزَاني حَلِيلة جَارِكَ

، قَالَ: وَكُلُّ مَنْ نَازَلَكَ وجَاوَرَك فَهُوَ حَليلك أَيضاً. يُقَالُ: هَذَا حَليله وَهَذِهِ حَليلته لِمَنْ تُحَالُّه فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ؛ وأَنشد:

ولَستُ بأَطْلَسِ الثَّوْبَيْن يُصْبي ... حَلِيلَته، إِذا هَدَأَ النِّيَامُ

قَالَ: لَمْ يُرِدْ بالحَلِيلة هُنَا امرأَته إِنما أَراد جَارَتَهُ لأَنها تُحَالُّه فِي الْمَنْزِلِ. وَيُقَالُ: إِنما سُمِّيَتِ الزَّوْجَةُ حَلِيلة لأَن كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلُّ إِزار صَاحِبِهِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبي زَيْدٍ: أَن الحَلِيل يَكُونُ لِلْمُؤَنَّثِ بِغَيْرِ هَاءٍ. والحِلَّة: الْقَوْمُ النُّزُولُ، اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَوْمٌ نُزُولٌ؛ وَقَالَ الأَعشى:

لَقَدْ كَانَ فِي شَيْبان، لَوْ كُنْتَ عَالِمًا، ... قِبَابٌ وحَيٌّ حِلَّة وقَبائل

وحَيٌّ حِلَّة أَي نُزُول وَفِيهِمْ كَثْرَةٌ؛ هَذَا الْبَيْتُ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ، وَقَالَ فِيهِ:

وحَوْلي حِلَّة ودَراهم (?)

. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ وَقَبَائِلُ لأَن الْقَصِيدَةَ لاميَّة؛ وأَولها:

أَقَيْس بنَ مَسْعود بنِ قَيْسِ بْنِ خالدٍ، ... وأَنتَ امْرُؤ يَرْجُو شَبَابَك وَائِلُ

قَالَ: وللأَعشى قَصِيدَةٌ أُخرى مِيمِيَّةٌ أَولها:

هُرَيْرَةَ ودِّعْها وإِن لَامَ لَائِمُ

يَقُولُ فِيهَا:

طَعَام الْعِرَاقِ المُسْتفيضُ الَّذِي تَرَى، ... وَفِي كُلِّ عَامٍ حُلَّة وَدَارهِم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015