وَلَقَدْ تسَقَّطَني الوُشاةُ فصادَفُوا ... حَجِئاً بِسِرِّكِ، يَا أُمَيْمَ، ضَنِينا (?)
والسَّقْطةُ: العَثْرةُ والزَّلَّةُ، وَكَذَلِكَ السِّقاطُ؛ قَالَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ:
كيفَ يَرْجُون سِقاطِي، بَعْدَ ما ... جَلَّلَ الرأْسَ مَشِيبٌ وصَلَعْ؟
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ لِيَزِيدَ بْنِ الجَهْم الهِلالي:
رجَوْتِ سِقاطِي واعْتِلالي ونَبْوَتي، ... وراءَكِ عَنِّي طالِقاً، وارْحَلي غَدا
وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُتب إِليه أَبيات فِي صَحِيفَةٍ مِنْهَا:
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدةُ مِنْ سُلَيْمٍ ... مُعِيداً، يَبْتَغي سَقَطَ العَذارى
أَي عثَراتِها وزَلَّاتِها. والعَذارى: جُمْعُ عَذْراء. وَيُقَالُ: فُلَانٌ قَلِيلُ العِثار، وَمِثْلُهُ قَلِيلُ السِّقاطِ، وإِذا لَمْ يَلْحق الإِنسانُ مَلْحَقَ الكِرام يُقَالُ: ساقِطٌ، وأَنشد بَيْتَ سُوِيدُ بْنُ أَبي كَاهِلٍ. وأَسقط فُلَانٌ مِنَ الْحِسَابِ إِذا أَلقى. وَقَدْ سقَط مِنْ يَدِي وسُقِطَ فِي يَدِ الرَّجُلِ: زَلَّ وأَخْطأَ، وَقِيلَ: نَدِمَ. قَالَ الزجّاجُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ النَّادِمِ عَلَى مَا فَعَلَ الحَسِر عَلَى مَا فرَطَ مِنْهُ: قَدْ سُقِط في يده وأُسْقِط. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: لَا يُقَالُ أُسقط، بالأَلف، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: ضرَبوا بأَكُفِّهم عَلَى أَكفهم مِنَ النَّدَم، فإِن صَحَّ ذَلِكَ فَهُوَ إِذاً مِنَ السُّقُوطِ، وَقَدْ قُرِئَ:
سقَط فِي أَيديهم
، كأَنه أَضمر النَّدَمَ أَي سقَط الندمُ فِي أَيديهم كَمَا تَقُولُ لِمَنْ يَحْصُلُ عَلَى شَيْءٍ وإِن كَانَ مِمَّا لَا يَكُونُ فِي الْيَدِ: قَدْ حَصل فِي يَدِهِ مِنْ هَذَا مكروهٌ، فَشَبَّهَ مَا يحصُل فِي الْقَلْبِ وَفِي النفْس بِمَا يَحْصُلُ فِي الْيَدِ ويُرى بِالْعَيْنِ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
: يُقَالُ سُقط فِي يَدِهِ وأُسقط مِنَ النَّدَامَةِ، وسُقط أَكثر وأَجود. وخُبِّر فُلَانٌ خَبراً فسُقط فِي يَدِهِ وأُسقط. قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ النَّادِمِ عَلَى مَا فَعَلَ الحسِرِ عَلَى مَا فرَط مِنْهُ: قَدْ سُقط فِي يَدِهِ وأُسقط. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وإِنما حَسَّنَ قَوْلَهُمْ سُقط فِي يَدِهِ، بِضَمِّ السِّينِ، غَيْرُ مُسَمًّى فَاعِلُهُ الصفةُ الَّتِي هِيَ فِي يَدِهِ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ:
فدَعْ عنكَ نَهْباً صيحَ فِي حَجَراتِه، ... ولكنْ حَدِيثاً، مَا حَدِيثُ الرَّواحِلِ؟
أَي صَاحَ المُنْتَهِبُ فِي حَجَراتِه، وَكَذَلِكَ الْمُرَادُ سقَط الندمُ فِي يَدِهِ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
ويوْمٍ تَساقَطُ لَذَّاتُه، ... كنَجْم الثُّرَيّا وأَمْطارِها
أَي تأْتي لَذَّاتُهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، أَراد أَنه كَثِيرُ اللَّذَّاتِ:
وخَرْقٍ تحَدَّث غِيطانُه، ... حَديثَ العَذارَى بأَسْرارِها
أَرادَ أَن بِهَا أَصوات الْجِنِّ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى:
وهُزِّي إِليكِ بجِذْعِ النخلةِ يَسّاقَطْ
، وَقُرِئَ: تُساقِطْ
وتَسّاقَطْ
، فَمَنْ قرأَه بِالْيَاءِ فَهُوَ الجِذْعُ، وَمَنْ قرأَه بِالتَّاءِ فهي النخلةُ، وانتصابُ قَوْلِهِ رُطَباً جَنِيًّا عَلَى التَّمْيِيزِ المحوَّل، أَرادَ يَسّاقطْ رُطَبُ الجِذْع، فَلَمَّا حُوِّلَ الْفِعْلُ إِلى الْجِذْعِ خَرَجَ الرطبُ مفسِّراً؛