لسان العرب (صفحة 2399)

حَبَسْته. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ

. والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها ... تُبَكِّي عَلَى زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بِأَصْبَرَا

أَراد: وَلَيْسَتْ بأَصْبَرَ مِنِ ابْنِهَا، بَلِ ابْنُهَا أَصْبَرُ مِنْهَا لأَنه عاقٌّ والعاقُّ أَصبَرُ مِنْ أَبَوَيْهِ. وتَصَبَّر واصْطَبَرَ: جَعَلَ لَهُ صَبْراً. وَتَقُولُ: اصْطَبَرْتُ وَلَا تَقُولُ اطَّبَرْتُ لأَن الصَّادَ لَا تُدْغَمُ فِي الطَّاءِ، فإِن أَردت الإِدغام قَلَبْتَ الطَّاءَ صَادًا وَقُلْتَ اصَّبَرْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ

عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: إِنِّي أَنا الصَّبُور

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الصَّبُور فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الحَلِيم. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُه مِنَ اللَّهِ عزَّ وجلَ

؛ أَي أَشدّ حِلْماً عَلَى فاعِل ذَلِكَ وَتَرْكِ المُعاقبة عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ*

؛ مَعْنَاهُ: وتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ والصَّبْرِ عَلَى الدُّخُولِ فِي مَعاصِيه. والصَّبْرُ: الجَراءة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ

؛ أَي مَا أَجْرَأَهُم عَلَى أَعمال أَهل النَّارِ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: سأَلت الْحَلِيحِيَّ عَنِ الصَّبْرِ فَقَالَ: ثَلَاثَةُ أَنواع: الصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ الجَبَّار، والصَّبْرُ عَلَى معاصِي (?). الجَبَّار، والصَّبر عَلَى الصَّبر عَلَى طَاعَتِهِ وتَرْك مَعْصِيَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ

عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر.

وقوله: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ*

؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: اصْبِرُوا وَصابِرُوا

؛ أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا عَلَى دِينِكم، وَصَابِرُوا أَي صَابِرُوا أَعداءَكُم فِي الجِهاد. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ*

؛ أَي بِالثَّبَاتِ عَلَى مَا أَنتم عَلَيْهِ مِنَ الإِيمان. وشَهْرُ الصَّبْرِ: شَهْرُ الصَّوْم. وَفِي حَدِيثِ الصَّوْم:

صُمْ شَهْرَ الصَّبْر

؛ هُوَ شهرُ رَمَضَانَ وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس، وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فِيهِ مِنْ حَبْس النَّفْسِ عَنِ الطَّعام والشَّرَاب والنِّكاح. وصَبَرَ بِهِ يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وَهُوَ بِهِ صَبِيرٌ والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تَقُولُ مِنْهُ: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة أَي كَفَلْت بِهِ، تَقُولُ مِنْهُ: اصْبُرْني يَا رَجُلُ أَي أَعْطِنِي كَفِيلًا. وَفِي حَدِيثِ

الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ بِهِ رَهْناً وَلَا صَبِيراً

؛ هُوَ الكفِيل. وصَبِير الْقَوْمِ: زَعِيمُهم المُقَدَّم فِي أُمُورِهم، وَالْجَمْعُ صُبَراء. والصَّبِيرُ: السَّحَابُ الأَبيض الَّذِي يصبرُ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجًا؛ قَالَ يصِف جَيْشاً:

كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الصَّدْرُ يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ صَدْرًا لِبَيْتِ عَامِرُ بْنُ جُوَيْنٍ الطَّائِيُّ مِنْ أَبيات:

وجارِيَةٍ مِنْ بَنَات المُلُوك، ... قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها

كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ، ... تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها

قَالَ: أَي رُبَّ جَارِيَةٍ مِنْ بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا أَغَرْت عَلَيْهِمْ فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ تَعْدُو. وَقَوْلُهُ: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذَاتِ الصَّبِيرِ أَي هَذِهِ الْجَارِيَةُ كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة السَّحاب. وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُهُ مِنَ الأَوْل وَهُوَ الإِصْلاح، ونصب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015