وأما التواريخ فإنه كان سيردها سرد الفاتحة لا يتلعثم في ذلك حدث بجملة من مسموعاته ونبذ من مؤلفاته، قرأت عليه المتباينة له كرتين و"تحصيل المرام من تاريخ البلد الحرام" وتراجم من "العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين" وكلاهما من تأليفه وحدثت معه بصحيح مسلم وبالسنن للنسائي وابن ماجه، ولي قضاء الماليكة بمكة المشرفة المعظمة في أواخر سنة سبع وثمانمائة وهو أول من وليه بها استقلالا واستمر فيه نحوا من عشرين سنة غير أنه في سنة سبع عشرة صرف عنه بقريبه الشريف أبي حامد بن عبد الرحمن قريبا من بضعة عشر يوما ثم أعيد إليه فاستمر إلى أن صرف عنه ثانيا في آخر سنة عشرين ثم ضعف بصره جدًّا فصرف في أواخر سنة ثمان وعشرين فسافر في أوائل سنة تسع وعشرين إلى القاهرة واستفتى فضلاء المالكية فأفتوه بأن العمى لا يقدح إذا طرأ على القاضي المتأهل للقضاء حتى إن بعضهم أفتى بأنه لا يضر تولية الأعمى ابتداء، واستنابه القاضي شمس الدين البِساطي1 فحكم بالصالحية فأنهى محبوه أمره إلى السلطان وأثنوا عليه فأعاده إلى منصبه فتوجه إلى بلده وأقام بها مدة فسعي عليه فصرف واستمر معزولا إلى أن مات رحمة الله تعالى عليه في النصف الثاني من ليلة الأربعاء الثالث من شوال سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة ولم يخلف بالحجاز مثله.

وفي هذه السنة مات في ليلة الثلاثاء ثالث عشر من المحرم الشيخ الصالح شمس الدين محمد بن إبراهيم بن أحمد الصوفي الضرير، وفي يوم الاثنين سابع من شهر صفر أمام السلطان الأشرف الشيخ محمد بن سعيد سويدان2، وفي ليلة الأحد حادي عشر من ربيع الآخر ناصر الدين محمد بن عبد الوهاب بن محمد البارَنباري3 بدمياط، وفي يومها محمد بن عبد الله بن حسين بن الخراز4، وفي ليلة الاثنين سادس عشريه شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عبد الله الشطنوفي5 وفي يوم الخميس سادس عشر من شهر ربيع الآخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015