وفاز في الحُسنِ سَهمُها، دارٌ هي مَرْتَعُ النواظر، ومتنفسُ الخواطر، بَهْوٌ بَهيِّ، ورواقٌ رائقٌ.
صبيةٌ كفراخ العُشوش، وأولادِ الخفافيش، صِبيةٌ يَسَعُهُم قفير، وأولاد جُلُّهم صِبيان، كبارُهم أصاغِرُ، كاتبُهم أفراخ زَغَبٍ صبيان، طفلٌ قريبُ العَهْدِ بالمَهد.
زادَ جمالُهُ، وأقمر هلالُهُ، يترقرقُ ماءُ الحُسن في وجهِه، غُلامٌ تأخذهُ العين، ويقبلُه القَلب، وترتاح له الرُّوحُ، تكادُ العيونُ تأكُلُة، والقلوبُ تشربه، لبس ديباجةَ المَلاحة، جرى ماءُ الشَباب في عُودِه، فتمايل كالغُصن، واستوفى أقسامَ الحُسْنِ، شادِنٌ، منتقبٌ بالبدر، مكتحلٌ بالسِّحر ما هو إلا نُزهة الأبصار، وبدعةُ الأمصارِ، كأنَّ قدّهُ سكرانٌ من خمر طرفِهِ، وبغداد مسروقةٌ من حسنه وظرفه، أعجمَتْ يَدُ الجمالِ نُونَ صُدْغِهِ بخالٍ، السحر في ألفاظِه، والشَّهدُ من ألفاظِهِ.
زرافين صُدغهِ معاليقُ القلوبِ، كأن صُدغَه قرطٌ من المِسكِ على عارضِ البدر، أصداغُهُ قد أخذتْ شكلَ العقاربِ، وظلمت ظلمَ الأقاربِ، كأنَّ شاربَه زئبَرُ الخَزِّ الأخضرِ، وعذارُهُ طِراز المسكِ الأذفر، على الوردِ الأحمر، إذا تكلّم تكشَّفَ حجابُ الزمُرّدِ والعقيق، عن سمطِ الدُّرِّ الأنيق، قد هَمَّ أو نَمَّ الشَعَرُ على شاربِهِ، وَرْدُ خَدِّهِ أَحمرُ، قد كان شاربُه أخضر، قد كادَتْ يَدُ الحُسن تعلقُه، كادَ العِذارُ ينقشُ فَصَّ وجهِه، ويحرقُ فِضّةَ خَدَّهِ.
نَسَخَ الشعر آية حُسنهِ، ومحا محاسِنَ وَجْهِهٍ، كسفَ الشعَرُ هلالَه، وأكسف بالَه،