الباب الثامن
في الأزمنةِ والأمكنة وأحوالِ الإنسان
من لدُن صغره ونمائه إلى كبره وانتهائه
أقبل الربيع بأحسنِ حالِهِ، والحسنُ والطيبُ في إقبالهِ، أقبل الربيع يَتَبسَّمُ، ويكادُ من الحسن يتكلم، تنفس الربيعُ عن أنفاس الأحباب، وأعاد للأرضِ أثواب الشباب، تنفس فنفَّس عن المكروب، وأهدى الروحَ والراحة للكفور، جاء الربيع يجرُّ أذيالَ العرائس، وينثرُ أجنحة الطواوس، تبلَّجَ عن وجهٍ بَهجٍ، وجَو غَنجِ، وروضٍ أرج، وطير مزدوجٍ، أقبل برائحة الجنان وروح الجَنان، وأسفر عن ظلّ سَجْسَج، وماء سلْسَل، وروض مُدبَّجٍ، مَرحَباً بالفضل الجامعِ لأنواع الفَضْل، زائر من القلوب قريب، وكُلهُ حُسنٌ وطيبٌ، زائر لباسه حَريرٌ، وأنفاسه عبير، سحاب ماطرٌ، وتُرابٌ عاطر، زائر وجهه وسيم، وفضله جَسيمٌ، وريحُه نسيم، الأرض زُمرُّدة، والأشجار وشْيٌ، والماءُ سيوفٌ، والطير قيانٌ.
هبَّ النسيمُ من الكَرى، فهَبَّ عليَّ الورى، وعَطَر الثرى نسيم الروحِ، قد سَفَر الربيع عن خُلقِ الكريم، ونطقَ بلسانِ النسيم، وأفاضَ ماءَ النعيم، ركضت خيولُ النسيم في ميادين الرياضِ قد حلَت يدُ المطر أزرارَ الأنوار، وأذاعَ لسانُ النسيمِ أسرارَ الأزهار.