المقرّبين، مستمدّاً من أحداقِ الحُور العِين، جوازاً على الصِّراط المستقيم إلى جنات النعيمِ، لما جاز أنْ تبخلَ بكتابك هذا البخلَ وتمنع هذا المنع.
كأنَّ الزمان يَسْتملي أنواع الجفوة من طبعك، ويستسقي أصنافَ القسوة من بحرِكَ، إنْ لم يكن لنا مطمع في دَرَكِ دَرِّكَ فاعفنا من شَرَكِ شَرَّكَ، في الأرض مجال إنْ ضاقتْ ظلالُكَ، وفي الناسِ واصِلٌ، إن رَثتْ حبالُك، وأنا أؤول من ودّك إلى شرّ ماَلٍ، وأحصل من عَهدِكَ على تخيل آلٍ، لا أدري أشكوك إلى الدهر أم أشكوه إليك، فإنكما في قطيعة الصديق رَضيعا لبان، وفَرَسا رِهَان، وشريكا عِنان.
عِتابٌ سماؤه تمور، ومراجلُهُ تفور، عِتابٌ يَهدُّ الفوارع، وتقريعٌ يحكي القوارعَ، قد قرع سَمعي من عذله ما جاوز خَفْق البُنودِ، ووصل إلى قلبي من توبيخه ما أَنْسَى زئير الأسودِ، وصل كتابك بعتَب كالعَضبِ ومَلام كالحُسام، وكلام كالسِّهامِ، في غَلس الظلام، وصلَ كتابك الذي كلُهُ عَتَب، وليس ذنبٌ، وعَذْلُ وليس عدلٌ، وتقريعٌ وليس تضجيع، وتظلُّم وليس تألُّم، وشِكايةٌ وليس نِكاية.
الكريم إذا قَدَرَ غَفر، وإذا أوثق أطْلَق، وإذا أَسَرَ أعتق، الأصاغر يهفون، والأكابر