كان قسّ بن ساعدة يفد على قيصر ويزوره، فقال له: يا قس، ما أفضل العقل؟ قال: معرفة المرء بنفسه. قال: فما أفضل العلم؟ قال: وقوف المرء عند علمه قال: فما أفضل المروءة؟ «1» قال: استبقاء الرجل ماء وجهه. قال: فما أفضل المال؟ قال ما قضي به الحق «2» .
لما حضرت أبا بكر الصديق- رضوان الله عليه- الوفاة دعا عثمان بن عفان، رضوان الله عليه، وقال: اكتب.
بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قُحافة، في آخر عهده بالدنيا خارجاً منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلا فيها؛ حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدِّق الشاك المكذب: إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، فإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيراً. فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدّل فلكلّ امرىء ما اكتسب، والخير أردت، ولا يعلم الغيب إلا الله وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ
[الشعراء: 227] والسلام عليكم ورحمة الله. «3»
روي أن عمر- رضوان الله عليه- أوصى ابنه عبد الله عند الموت، فقال: عليك بخصال الإيمان. قال: وما هنَّ يا أبَه؟ قال: الصوم في شدة أيام الصيف، وقتال الأعداء بالسيف، والصبر على المصيبة، وإسباغ الوضوء في اليوم الشاتي، وتعجيل الصلاة في يوم الغيم، وترك ردْغًة الخَبَال «4» . قال [فقال] : وما ردغة الخبال؟ قال: شرب الخمر..... «5» وقال: إذا قبضت فغمضني، واقتصد