وقال أبو صخر الهذلي «1» :
أما والذي أبكى وأضحك والذي ... امات وأحيا والذي أمرهُ الأمرُ «2»
لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى ... أليفين منها لا يروعهما الذعرُ»
عجبت لسعي الدهر بيني وبينها ... فلما انقضى ما بيننا سكن الدهرُ
فيا حبها زدني جوىً كل ليلةٍ ... ويا سلوة الأيام موعدك الحشرُ
وإني لتعروني لذكراك روعةٌ ... كما انتفض العصفور بلله القطرُ «4»
وإني لآتيها أريد عتابها ... وأوعدها بالهجر ما برق الفجرُ «5»
فما هو إلا أن أراها فجاءةً ... فأبهت لا عرفٌ لدي ولا نكرُ
وأنسى الذي قد كنت فيه أتيتها ... كما قد تنسي لبَّ شاربها الخمرُ «6»
ويمنعني من بعض إنكار ظلمها*- إذا ظلمت يوماً وإن كان لي عذرُ-:
مخافة أني قد علمت لئن بدا ... لي الهجر منها ما على هجرها صبرُ
وأني لا أدري إذا النفس أشرفت ... على هجرها ما يصنعن بي الهجرُ «7»