ثم طعنه فصرعه، وانكسر رمحه، فارتاب دريد وظنَّ أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل «1» ، فلحق بهم، فوجد ربيعة لا رمح معه، وقد دنا من الحي، ووجد القوم قد قتلوا. فقال له دريد: أيها الفارس، إني أضنُّ «2» بمثلك على القتل، وإن الخيل ثائرةٌ بأصحابها، ولا أرى معك رمحاً، [وأراك حديث السن] فدونك [هذا] «3» الرمح، فإني راجعٌ إلى أصحابي، ومثبطهم عنك. فأتى دريدٌ أصحابه فقال: إن فارس الظعينة قد حماها، وقتل فوارسنا «4» ، وانتزع رمحي، ولا طمع لكم فيه، فانصرف القوم، فقال دريد:
ما إن رأيتُ ولا سمعتُ بمثلهِ ... حاميَ الظعينة فارساً لم يُقتلِ
أردى فوارسَ لم يكونوا نُهْزَةً «5» ... ثم استمرَّ كأنه لم يفعلِ
متهللاً «6» تبدو أَسرَّةُ وجههِ ... مثل الحسامِ جلتهُ كفُّ الصيقلِ «7»
يُزجي ظعينته ويسحبُ رُمحه ... متوجهاً يُمناه نحو المنزلِ
وترى الفوارس من مخافة رمحهِ ... مثل البغاثِ خشينَ وقع الأجدل
يا ليت شِعري من أبوه وأمه؟! * يا صاحِ من يكُ مثله لم يُجْهلِ وقال ربيعة بن مكدَّم في ذلك:
إن كان ينفعك السؤال «8» فسائلي ... عني الظعينة يوم وادي الأخرمِ