وبينك أحداً يستحقُّ التفضيل والوصف بالعقل غيرك، رقد أعفيتك من جميع ما أردته منك، وأنا منصرفٌ عنك. فقال ملك الصين: أما إذ فعلت ذاك فلست تخسر. فلما انصرف الإسكندر أتبعه ملك الصين من الهدايا والألطاف بضعف ما كان قرَّر معه «1» .
قلت: قد جرى في مدَّتي ما يشاكل حديث الإسكندر، وأنا مورده.
وذلك: أن الإفرنج- خذلهم الله- لما خرجوا في سنة تسعين وأربع مائة، وفتحوا أنطاكية «2» ، وقهروا أهل الشأْم-: تداخلهم الطمع، وحدثتهم نفوسهم بملك بغداد وبلاد الشرق، فحشدوا وجمعوا وساروا يريدون البلاد، وصاحب الموصل في ذلك الوقت حكرمش «3» ، فجمع أمراء التركمان الأرتقية ومن قدر عليه، ولقيهم على الخابور فكسرهم، وأسر من يقدمهم «4» : الملك بغدوين البرونس «5» وجوسلين «6» ، وسيَّرهم إلى قلعة جعبر، «7» إلى عند الأمير شهاب الدين مالك بن سالم، «8» أودعهم عنده، وعاد من بقي من الإفرنج