فلا حملتْ أنثى ولا آب غائب «1» ... ولا ولدت أنثى إذا مات خالدُ
قال المدائني: خرج الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر- رضوان الله عليهم- حجَّاجاً، ففاتتهم أثقالهم، فجاعوا وعطشوا، فمروا بعجوز في خباءٍ لها، فقالوا: هل من شرابٍ؟ قالت: نعم. فأناخوا إليها، وليس لها إلا شويهة، فقالت: احتلبوها وامتذقوا لبنها «2» ، ففعلوا. وقالوا: هل من طعام؟ قالت: لا، إلا هي، فليذبحها أحدكم حتى أصنعها لكم، فذبحها أحدهم، فشوت وأكلوا، وقالوا عندها حتى أبردوا «3» . ثم قالوا: نحن نفرٌ من قريش، نريد هذا الوجه، فإذا انصرفنا سالمين فألمي بنا، فأنا صانعون بك خيراً. ثم رحلوا وأقبل زوجها، فقالت: سمعت؟! فقال: لم أسمع! وخبرته الخبر، فأحال عليها ضرباً «4» فشجَّها، ثم قال: تذبحين عنزي لأعبد لا تدرين من هم، ثم يقولون: نفرٌ من قريش؟! ثم ضرب الدهر ضربانه، واضطرته الحاجة إلى أن دخلت هي وزوجها المدينة، فمرَّت العجوز يوماً تسوق حماراً لها تنقل عليه البعر «5» تبيعه-: إذ أبصرها الحسن بن علي- رضوان الله عليهما- فعرفها، فأمر من أتاه بها، فقال: أتعرفيني؟ قالت:
لا، فذكر لها العنز، فقالت: بأبي وأمي، إنك لأنت هو؟! قال: نعم، قال: أفما لقيت صاحبيك؟ قالت: لا، فأمر من اشترى لها من شآء