الهيئة ويدعو له- تبركاً بدعائه- حتى دخل عليه وعنده الحارث بن المطلب أخوه. فلما رآه أبوه في تلك الهيئة أقبل عليه فقال: إنّ لي حاجة. قال:
ما تقول يا أبه؟! إنما أنا عبدك، فمرني بما أحببت. قال: تهب جاريتك هذه للحارث أخيك، وتعطيه ثيابك هذه الّتي عليك، وتطيّبه من طيبك، وتدعه حتى يدخل على هذه الجارية، فإني لا أشكّ أنّ نفسه قد تاقت إليها! فقال له الحارث: لم تكدر على أخي وتفسد عليه قلبه؟! وذهب يريد يحلف. فبدره «1» الحكم، فقال: هي حرة إن لم تفعل ما أمرك به أبي، فإن قرة عيني أسر إلي «2» من هذه الجارية. وخلع ثيابه فألبسه إياها، وطيبه، ودفع إليه الجارية!! قال: وكان الحكم بعد حاله هذه قد تخلى «3» من الدنيا، ولزم الثغور، حتى مات بالشام بمنبج «4» . وأمه السيدة بنت جابر بن الأسود بن عوف الزهرية.
وفي الحكم يقول ابن هرمة «5» :
ماذا بمنبج لو تنبش مقابرها ... من المقدم «6» بالمعروف والكرم؟