وقال مصعب الزبيري «1» حجّ معاوية بن أبي سفيان، فلما انصرف مرّ بالمدينة، فقال الحسين بن علي لأخيه الحسن- رحمهما الله-: لا تلقَه ولا تسلِّم عليه. فلما خرج معاوية رحمه الله، قال الحسن: يا أخي، إن علينا ديناً ولا بد لي أن أذهب إليه، فلحقه بثنية النول «2» ، وهو منحدر على الوادي، فسلّم عليه وأخبره بدينه، فمروا ببختيٍّ «3» عليه ثمانون ألف دينار، وهو يضلعُ «4» وهم يُزَجُّونه «5» ، فقال معاوية: ما هذا؟ قالوا: أعيى «6» وعليه المال، ونحن نزجِّيه ليلحق، فقال: اصرفوه إلى أبي محمد «7» ، فدفعه إليه وعليه ثمانون ألف دينار.
قال: لما قدم مصعب بن الزبير «8» - رحمهما الله- من العراق القدمة الأولى مر بالمدينة ليلاً، فجاوزها ونزل البيداء، فبلغ عبد الله بن جعفر وعاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم ما صنع من ذلك، فالتقيا في صلاة الصبح في المسجد، فقال أحدهما لصاحبه: هل لك بنافيه، فلا ينجيه منا ما فعل؟
فركبا إليه، حتى أتياه بالبيداء خلف الشجرة إلى مكة، فوجدوا فسطاطاً مضروباً وقد فُرش، فقيل لهما: انزلا حتى يخرج إليكما، فأتاهما يمشي، حتى دخل عليهما الفسطاط، فسلَّم عليهما وحياهما، ثم قال له عبد الله بن جعفر: إنه قد بلغنا خبر وأردنا أن نلقيه إليك لتكون منه على علم: إن أخاك عبد الله بن