أما بالنسبة للاستئذان من داخل البيوت: فهو أشد على أهل الدار، وقد يقال أيضًا: الاستئذان من الخارج أشد؛ لأجل أنه أجنبي.
واستئذان أهل الدار بعضهم على بعض، هذا جاء في قوله تعالى في سورة النور: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (?) ثم قال تعالى في الآية التي بعدها: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (?).
هذه الآية دلت على وجوب الاستئذان داخل الدور إذا كان للشخص مكان خاص ليس مفتوحًا؛ كالصالة أو نحوها، يجب أن يعلم الولد أدب الاستئذان، فالذي لم يبلغ يستأذن في هذه الأوقات الثلاثة، وكذلك الخدم، فإن الناس في هذه الأوقات قد يدخلون أماكنهم الخاصة، ويستريحون فيها، ويضعون ثيابهم، وقد يكون المرء على أهله فيجب حينئذٍ الاستئذان؛ حتى على الصبية الذين لم يبلغوا، حتى ينشأ هذا الولد على الطهر والعفاف، ولا يألف المناظر السيئة بذاكرته، أما إذا بلغ الأطفال الحلم، فيجب أن يستأذنوا في كل وقت.