«أوفوا»، «أرخوا»، «وفروا» فهذه أربعة ألفاظ تدل على ترك اللحية وعدم التعرض لها، وهذا المذهب الأول في صفة اللحية، واحتجوا أيضًا بأنه صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لحيته كانت كثة، واللحية الكثة تدل على كثرة الشعر وطوله، والأخذ ينافي الكثرة والطول، واحتجوا أيضًا بأنه - صلى الله عليه وسلم - كانت لحيته ترى من خلفه، كما روى البخاري في صحيحه من حديث أبي معمر وهو عبد الله بن سخبرة، قال: سألنا خبابًا بأي شيء كنتم تعرفون قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الظهر؟ فقال: باضطراب لحيته.

قالوا: واللحية القصيرة لا تضطرب.

وأما المذهب الثاني في هذه المسألة: أن اللحية الشرعية تكون قبضة، فما فضل يؤخذ شرعًا، واحتجوا بأن ابن عمر - رضي الله عنه -: كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه. روى ذلك عنه مالك في الموطأ، ورواه البخاري.

ولكن نقول أن المحفوظ عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يفعله في الحج والعمرة فقط، وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - نحوه.

ولكن نقول: هذا لا حجة لهم فيه لأمور منها: أن ابن عمر - رضي الله عنه - هو أحد رواة حديث: «وفروا اللحى».

المذهب الثالث في هذه المسألة: أنه يجوز أخذ ما شذ ونفر وآذى من اللحية، وهذا لا ينافي الإعفاء في الحد والحقيقة فهو راجع إلى القول الأول، وهذا الذي بيّنه فعل السلف والأئمة كالإمام أحمد وغيره، فالمنقول عن السلف قولان التقبيض أحيانًا، وهذا القيد لابد منه - أعني أحيانًا - وهذا القول الذي حكيته أخيرًا، فصار خلاصة مذهب السلف في المسألة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015