والعلمُ نورٌ البصيرة، وحياةٌ للروحِ، ووَقُودٌ للطبعِ، {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} .
إنَّ السرورَ والانشراحَ يأتي معَ العلم، لأنّ العلمَ عثورٌ على الغامضِ، وحصولٌ على الضَّالَّة، واكتشافٌ للمستورِ، والنفسُ مُولَعةٌ بمعرفةِ الجديدِ والاطلاعِ على المُسْتَطْرَفِ.
أمَّا الجهلُ فهوَ مَلَلٌ وحُزْنٌ، لأنه حياةٌ لا جديدَ فيها ولا طريفَ، ولا مستعذَباً، أمسِ كاليومِ، واليومَ كالغدِ.
فإنْ كنتَ تريدُ السعادةَ فاطلبِ العلمَ وابحثْ عن المعرفةِ وحصِّل الفوائدَ، لتذهبَ عنكَ الغمومُ والهمومُ والأحزانُ، {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} ، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} . ((من يردِ اللهُ به خيراً يفقِّههُ في الدينِ)) . ولا يفخرْ أحدٌ بمالِهِ أو بجاهِهِ، وهو جاهلٌ صفْرٌ من المعرفةِ، فإنَّ حياتَه ليستْ تامَّةً وعمرُه ليس كاملاً: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى} .
قال الزمخشريُّ:
سهري لتنقيحِ العلومِ ألذُّ لي ... مِنَ وَصْلِ غانيةٍ وطيِبِ عنِاقِ
وتمايُلي طرَباً لحلِّ عويصةٍ ... أشهى وأحلى من مُدامةِ ساقي
وصريرُ أقلامي على أوراقها ... أحلى من الدَّوْكاءِ والعشَّاقِ
وألذُّ من نقرِ الفتاةِ لدُفِّها ... نقري لأُلقي الرملَ عن أوراقي