زرابيُّها مبثوثةٌ، تمَّ سروَرها، عظُم حبورُها، فاح عرْفُها، عظُم وصْفُها، منتهى الأماني فيها، فأين عقولُنا لا تفكرْ؟! ما لنا لا نتدبَّرْ؟!
إذا كان المصيرُ إلى هذه الدارِ؛ فلتخفَّ المصائبُ على المصابين، ولتَقَرَّ عيونْ المنكوبين، ولتفرح قلوبُ المعدمين.
فيها أيها المسحوقون بالفقرِ، المنهكون بالفاقةِ، المبتلون بالمصائب، اعملوا صالحاً؛ لتسكنوا جنة اللهِ وتجاوروهُ تقدستْ أسماؤُه {سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} .
العدلُ مطْلَبٌ عقليٌّ وشرعيٌّ، لا غُلُوَّ ولا جفاءٌ، لا إفراطٌ ولا تفريطٌ، ومنْ أراد السعادة فعليهِ أنْ يضبطَ عواطفهُ، واندفاعاتِهِ، وليكنْ عادلاً في رضاهُ وغضبِهِ، وسرورِهِ وحُزْنِهِ؛ لأن الشَّطَطَ والمبالغةَ في التعامل مع الأحداثِ ظلمٌ للنفسِ، وما أحْسنَ الوسطيّةَ، فإنَّ الشرع نزل بالميزان والحياةُ قامتْ على القِسط، ومنْ أتعبِ الناسِ منْ طاوعَ هواه، واستسلم لعواطفِهِِ وميولاتِه، حينها تتضخّمُ عنده الحوادثُ، وتظِلمُ لديه الزوايا، وتقومُ في قلبِه معاركُ ضاربةٌ من الأحقادِ والدخائلِ والضغائنِ، لأنه يعيشُ في أوهامٍ وخيالاتٍ، حتى إن بعضهمْ يتصوّرُ أنَّ الجميع ضِدَّهُ، وأنَّ الآخرينَ