التحلِّي بالصبر من شيمِ الأفذاذِ الذين يتلقون المكاره برحابةِ صَدْرٍ وبقوةِ إرادةٍ، ومناعةٍ أبيَّة. وإنْ لم أصبرْ أنا وأنت فماذا نصنعُ؟! .
هل عندك حلٌّ لنا غيرُ الصبرِ؟ هل تعلم لنا زاداً غيرَهُ؟
كان أحدُ العظماءِ مسرحاً تركضُ فيه المصائبُ، وميداناً تتسابقُ فيهِ النكباتُ كلما خرج من كربةٍ زارتهُ كربةٌ أخرى، وهو متترسٌ بالصبرِ، متدرّعٌ بالثقةِ باللهِ.
هكذا يفعلُ النبلاءُ، يُصارعون الملمّاتِ ويطرحون النكباتِ أرضاً.
دخلوا على أبي بكر -رضي اللهُ عنهُ- وهو مريضٌ، قالوا: ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: الطبيبُ قد رآني. قالوا: فماذا قال؟ قال: يقولُ: إني فعَّالٌ لما أريدُ.
واصبرْ وما صبرُك إلاَّ باللهِ، اصبرْ صَبْرَ واثقٍ بالفرجِ، عالم بحُسْنِ المصيرِ، طالبٍ للأجرِ، راغبٍ في تفكيرِ السيئاتِ، اصبرْ مهما ادلهمَّت الخطوبُ، وأظلمتِ أمامك الدروبُ، فإنَّ النصر مع الصَّبْرِ، وأنَّ الفرج مع الكَرْبِ، وإن مع العُسْرِ يُسْراً.
قرأتُ سير عظماءٍ مرُّوا في هذه الدنيا، وذهلتُ لعظيمِ صبرِهِمْ وقوةِ احتمالِهم، كانت المصائبُ تقعُ على رؤوسِهم كأنَّها قطراتُ ماءٍ باردةٍ، وهم في ثباتِ الجبالِ، وفي رسوخِ الحقِ، فما هو إلاَّ وقت قصيرٌ فتشرقُ وجوهُهم على طلائع فجرِ الفرجِ، وفرحةِ الفتحِ، وعصرِ النصرِ. وأحدُهم ما اكتفى بالصبرِ وَحْدَهُ، بل نازَلَ الكوارِث، وصاحَ في وجهِ المصائبِ مُتحدِّياً.