هؤلاء أعطى ربَّه المواثيق الصارمة، على أنه متى أنعم عليه وحباهُ وأغدق عليه فسوف يشكُرُ ويُنفقُ ويتصدَّقُ {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ {75} فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ} .
ونحنُ نلاحظُ كلَّ يومٍ منْ هذا الصِّفِ بشراً كثيراً، كاسف البالِ مكدَّر الخاطرِ، خاوي الضميرِ، ناقماً على ربِّه أنه ما أجْزل له العطيَّة، ولا أتحفهُ برزقٍ واسعٍ بينما هو يرفُلُ في صحَّةٍ وعافيةٍ وكفافٍ، ولم يشكُرْ وهو في فراغٍ وفسحةٍ، فكيف لو شُغِل مثل هذا الجاحدُ بالكنوزِ والدُّورِ والقصورِ؟! إذنْ كان أكْثرَ شُرُداً من ربِّه، وعقوقاً لمولاهُ وسيِّدهِ.
الحافي منّا يقول: سوف أشكرُ ربِّي إذا مَنحَني حذاءً. وصاحبُ الحذاءِ يؤجِّل الشُّكْر حتى يحصُل على سيَّارةٍ فارهةٍ نأخُذ النعيمِ نقْداً، ونُعطي الشُّكْر نسيئةًُ، رغباتُنا على اللهِ ملحَّةٌ، وأوامرُ اللهِ عندنا بطيئةُ الامتثالِ.
بعضُ الأذكياء علَّق على مكتبِهِ ثلاث لوحاتٍ ثمينةٍ:
مكتوبٌ على الأولى: يوْمُك يومُك. أي عِشْ في حدودِ اليوم.
وعلى الثانيةِ: فكِّرْ واشكرْ. أي فكِّرْ في نِعَمِ اللهِ عليك، واشكُرْه عليها.
وعلى الثالثةِ: لا تغضبْ.
إنها ثلاثُ وصايا تدلُّك على السعادةِ منْ أقْربِ الطرقِ، ومن أيْسرِ السُّبُلِ، ولك أن تكتبها في مُفكِّرتِك لتطالِعها كلَّ يومٍ.