وأنا أعرضُ عليك ثلاث حقائق:
الأولى: متى تظنُّ أنك سوف تهدأُ وترتاحُ وتطمئنُّ، إذا لم ترض عن ربَّك وعنْ أحكامِه وأفعالِه وقضائِه وقدرِه، ولم ترض عنْ رزقِك، ومواهبِك وما عندك!
الثانية: هلْ شكرت على ما عندك من النِّعم والأيادي والخبرات حتى تطلب غيرها، وتسأل سواها؟! إنَّ منْ عَجَزَ عن القليلِ، أوْلى أن يعجز عن الكثير.
الثالثة: لماذا لا نستفيدُ من مواهبِ اللهِ التي وهبنا وأعطانا، فنثمِّرُها، وننمِّيها، ونوظِّفُها توظيفاً حسناً، وننقيها من المثالبِ والشَّوائبِ، وننطلقُ بها في هذه الحياةِ نفعاً وعطاءً وتأثيراً.
إن الصِّفاتِ الحميدة والمواهب الجليلة، كامنةٌ في عقولِنا وأجسامِنا، ولكنَّها عند الكثير منّا كالمعادنِ الثمينةِ في التُّرابِ، مدفونةٌ مغمورةٌ مطمورةٌ، لم تجِد حاذقاً يُخرِجُها من الطينِ، فيغسلُها وينقِّيها، لتلمع وتشعَّ وتُعرف مكانتُها.
قرأتُ كتاب (المتوارين) لعبدِ الغني الأزديِّ، وهو لطيفٌ جذَّاب، يتحدَّث فيه عمَّن توارى خوفاً من الحجاجِ بن يوسف، فعلمتُ أنَّ في الحياةِ فسحةً، وفي الشَّرِّ خياراً، وعنِ المكروهِ مندوحةً أحياناً.