والأعمالِ، ويُجتثُّ منك شجرةُ الذُّلِّ والهوانِ، والتملُّق، والمداهنةِ، فكبيرُ الهِمَّةُ ثابتُ الجأشِ، لا تُرهبُه المواقفُ، وفاقدُها جبانٌ رِعديدٌ، تُغلقُ فمه الفهاهةُ.
ولا تغلطْ فتخْلِط بين كِبرِ الهمة والكِبْر، فإن بينهما من الرْق كما بين السماء ذاتِ الرَّجعِ والأرضِ ذاتِ الصَّدْعِ، فكِبرُ الهمَّةِ تاجٌ على مفْرِق القلبِ الحُرِّ المثالي، يسعى به دائماً وأبداً إلى الطُّهرِ والقداسةِ والزِّيادة والفضلِ، فكبيرُ الهمّةِ يتلمَّظُ على ما فاته من محاسن، ويتحسَّرُ على ما فقده من مآثِر، فهو في حنينٍ مستمرٍّ، ونهمٍ دؤوبٍ للوصولِ إلى الغايةِ والنهايةِ.
كِبَرُ الهمَّةِ حِلْيةُ ورثةِ الأنبياءِ، والكِبْرُ داءُ المرضى بعلَّة الجبابرةِ البؤساءِ.
فكِبرُ الهمَّةِ تصعَدُ بصاحبِها أبداً إلى الرُّقيِّ، والكِبْرُ يهبطُ به دائماً إلى الحضيضِ. فيا طالب العلم، ارسمْ لنفسك كِبر الهمّةِ، ولا تنفلتْ منها وقد أومأ الشرعُ إليها في فقهيَّاتٍ تُلابس حياتك، لتكون دائماً على يقظةٍ من اغتنامِها، ومنها: إباحةُ التَّيمُّمِ للمكلَّفٍ عند فقْدِ الماءِ، وعدمُ إلزامهِ بقبُولِ هِبةٍ ثمن الماءِ للوضوءِ، لما في ذلك من المنَّةِ التي تنالُ من الهمَّة منالاً، وعلى هذا فقيِسْ.
فالله الله في الاهتمامِ بالهمَّةِ، وسلِّ سيفِها في غمراتِ الحياةِ:
هو الجِدّث حتى تفضُل العينُ أختها ... وحتَّى يكون اليومُ لليومِ سيِّدا