ولكنّ عليَّ بن محمدٍ الكاتب يقولُ:
قالوا حُبست فقلتُ خطْبٌ نكِدٌ ... أنْحى عليَّ به الزمانُ المُرْصدُ
والموتُ أحبَّه كثيرٌ ورحَّبوا بهِ، فمعاذٌ يقولُ: مرحباً بالموتِ، حبيبٌ جاء على فاقةٍ، أفلح منْ ندم.
ويقولُ في ذلك الحُصيُن بنُ الحمامِ:
تأخَّرتُ أستبقي الحياة فلمْ أجِدْ ... لنفسي حياةً مثْل أن أتقدَّمَا
ويقولُ الآخرُ: لا بأس بالموتِ إذا الموتُ نزلْ.
ولكنَّ الآخرين تذمَّرُوا من الموتِ وسبُّوه وفرُّوا منهُ.
فاليهودُ أحرصُ الناسِ على حياةٍ، قال سبحانه وتعالى عنهمْ: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} .
وقال بعضُهم:
ومالي بعد هذا العيشِ عيشٌ ... ومالي بعد هذا الرأسِ رأسُ
والقتلُ في سبيل اللهِ أمنيةٌ عذْبةٌ عند الأبرارِ الشرفاءِ: {فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ} .
وابنُ رواحة ينشدُ:
لكنَّني أسألُ الرحمنَ مغفرةً ... وطعنةً ذات فزعٍ تقذِفُ الزَّبدا