إنَّ ميزان السعادةِ في كتابِ اللهِ العظيمِ، وإنَّ تقدير الأشياءِ في ذِكْرِهِ الحكيم، فهو يقرِّرُ الشيء وقيمتهُ ومردودَهُ على العبدِ في الدُّنيا والآخرةِ {وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ {33} وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ {34} وَزُخْرُفاً وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ} .
هذهِ هي حقيقةُ الحياةِ، وقصورُها ودُورُها، وذهبُها وفضَّتُها ومناصبُها.
إنَّ منْ تفاهتِها أنْ تعطي الكافر جملةً واحدةً، وأن يُحْرَمَهَا المؤمنُ ليبيّن للناسِ قيمة الحياةٍ الدنيا.
إنَّ عتبة بن غزوان الصحابيَّ الشهير يستغربُ وهو يخطبُ الناس الجمعة: كيف يكونُ في حالةٍ مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، مع سيِّدِ الخَلْقِ يأكلُ معهُ وَرَقَ الشجرِ مجاهداً في سبيلِ اللهِ، في أرْضى ساعاتِ عمرِهِ، وأحلى أيامِهِ، ثمَّ يتخلَّفُ عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فيكونُ أميراً على إقليمٍ، وحاكماً على مقاطعةٍ، إنَّ الحياة التي تُقبلُ بعد وفاةِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - حياةٌ رخيصةٌ حقّاً.
أرى أشقياء الناسِ لا يسأمُونها ... على أنَّهمْ فيها عراةٌ وجُوَّعُ
أراها وإنْ كانت تُسِرُّ فإنها ... سحابةُ صيفٍ عنْ قليلٍ تقشَّعُ
سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ يصيبُهُ الذهولُ وهو يتولَّى إمرة الكوفةِ بعدَ وفاةِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -، وقدْ أكل معه الشجر، ويأكلُ جلداً ميِّتاً، يشويهِ ثمَّ يسحقُه، ثم