وهذا شاهُ إيران الذي احتفل بمرورِ ألفينِ وخمسمائةِ سنةٍ على قيام الدولةِ الفارسيِّةِ، وكان يُخطِّطُ لتوسيعِ نفوذِه، وبسْطِ ملكهِ على بقعةٍ أكبر منْ بلدِهِ، ثم يُسلب سلطانُه بين عشيَّةٍ وضحاها {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء} .
ويطرُدُ منْ قصورِهِ ودُورِهِ ودنياه طرداً، ويموتُ مشرَّداً بعيداً محرُوماً مفلساً، لا يبكي عليه أحدٌ: {كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ {26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ} .
وكذلك شاوشيسكو رئيسُ رومانيا، الذي حكم اثنتين وعشرين سنة، وكان حَرَسُه الخاصُّ سبعين ألفاً، ثمَّ يحيطُ شعبُه بقصرِهِ، فيمزِّقونهُ وجنودهُ إرباً إرباً {فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ} . لقدْ ذهب، فلا دنيا ولا آخرة.
وذاك رئيسُ الفلبينِ ماركوس: جمع الرئاسة والمال، ولكنَّه أذاق أمَّته أصناف الذُّلّ، وأسقاها كأس الهوانِ، فأذاقه اللهُ غُصص التعاسةِ والشقاءِ، فإذا هو مشرَّدٌ منْ بلادِهِ ومنْ أهلِه وسلطانِه، لا يملكُ مأوى يأوي إليه، ويموتُ شقيّاً، يرفضُ شعبُهُ أن يُدفَنَ في بلدِهِ: {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} ، {فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى} ، {فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنبِهِ} .