ومنْ لوازمِ الإيمانِ أنْ ترضى بالقدرِ خيرهِ وشرِّهِ، {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} . إنَّ الأقدار ليستْ على رغباتِنا دائماً وإنما بقصورِنا لا نعرفُ الاختيار في القضاءِ والقدرِ، فلسْنا في مقامِ الاقتراحِ، ولكننا في مقامِ العبوديِّةِ والتسليمِ.
يُبتلى العبدُ على قدرِ إيمانه، ((أُوعكُ كما يُوعَكُ رجلان منكمْ)) ، ((أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ، ثمَّ الصالحون)) ، {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} ، ((مَن يردِ اللهُ بهِ خيراً يصبْ منهُ)) ، {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} ، {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} .
عليُّ بنُ المأمون العباسي - أميرٌ وابنُ خليفة - كان يسكنُ قصراً فخماً، وعندهُ الدنيا مبذولةٌ ميسَّرةٌ، فأطلَّ ذات يومٍ منْ شرفةِ القصرِ، فرأى عاملاً يكدحُ طِيلةَ النهارِ، فإذا أضحى النهارُ توضَّأ وصلَّى ركعتين على شاطئ دِجلة، فإذا اقترب الغروبُ ذهب إلى أهلِه، فدعاهُ يوماً من الأيامِ فسألهُ فأخبره أن له زوجةً وأختين وأُمّاً يكدحُ عليهنَّ، وأنه لا قوت لهُ ولا دخل إلا ما يتكسبُه من السوقِ، وأنه يصومُ كلَّ يومٍ ويُفطرُ مع الغروبِ على ما