حُسْن الصنيعِ، ولطفِ الاختيارِ، وحلولِ القضاءِ؛ لأنَّ هناك معيناً من الإيمانِ، ورافداً من اليقينِ لا ينقطعُ، فمثلُها تشكرُ وتُؤجرُ وتسعدُ في الدنيا والآخرةِ، وإذا لمْ تفعلْ هذا فما هو البديلُ إذنْ؟! التسخُّطُ والتضجُّرُ والاعتراضُ والرفضُ، ثم خسارةُ الدنيا والآخرةِ! ((فمنْ رضي فلهُ الرَّضا، ومنْ سخط فله السخطُ)) .
إن بلسم المصائبِ وعلاج الأزماتِ، قولُنا: إنّا للهِ وإنّا إليه راجعون.
والمعنى: كلُّنا للهِ، فنحنُ خَلْقُه وفي ملكِهِ، ونحنُ نعودُ إليهِ، فالمبدأُ منه، والمعادُ إليه، والأمرُ بيدهِ، فليس لنا من الأمرِ شيءٌ.
نفسي التي تملكُ الأشياء ذاهبةٌ ... فكيف أبكي على شيءٍ إذا ذهبا
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} ، {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} ، {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} .
لو فوجئت بخبرٍ صاعقِ باحتراقِ بيتِك، أو موتِ ابنك، أو ذهابِ مالك فماذا عساك أنْ تفعل؟ من الآنِ وطِّنْ نفسك، لا ينفعُ الهربُ، لا يجدي الفرارُ والتملُّصُ من القضاء والقدر، سلِّمْ بالأمرِ، وارض بالقدرِ، واعترفْ بالواقعِ، واكتسبِ الأجر، لأنه ليس أمامك إلا هذا. نعمْ هناك خيارٌ آخرُ، ولكنه رديءٌ أحذِّرك منُه، إنه: التبرُّمُ بما حَصَلَ والتضجُّرُ مما صار، والثورةُ والغضبُ والهيجان، ولكنْ تحصلُ على ماذا منْ هذا كلِّه؟! إنك سوف تنالُ غضب الربِّ جلَّ في عليائِه، ومقْت الناسِ، وذهاب الأجْرِ، وفادح الوزرِ، ثمَّ لا يعودُ عليك المصاب، ولا ترتفعُ عنك المصيبةُ، ولا ينصرفُ عنك الأمرُ المحتومُ: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} .