وللجاحظِ في الكتمانِ كلامٌ خلاَّبٌ في رسائلِهِ الأدبيةِ، فليعُدْ إليها منْ أراد. وفي القرآن: {وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً} ، وهذا أصلٌ في كتمانِ السرِّ، والأعرابيُّ يقول: وأكتمُ السرَّ فيه ضربةُ العنقِ.
{فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} .
هذه الآيةُ عزاءٌ للجبناءِ الذين يموتون مراتٍ كثيرةً قبل الموتِ، فلْيعلموا أنَّ هناك أجلاً مسمى، لا تقديم ولا تأخير، لا يعجِّلُ هذا الموت أحدٌ، ولا يؤجِّله بشرٌ، ولو اجتمع أهل الخافقيْن، وهذا في حدِّ ذاتهِ يجلبُ للعبدِ الطمأنينة والسكينة والثبات: {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ} .
واعلمْ أنَّ التعلُّق بغيرِ اللهِ شقاءٌ: {فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ} .
(سِيَرُ أعلامِ النبلاءِ) للذهبيِّ ثلاثةٌ وعشرون مجلداً، ترجم فيها للمشاهيرِ من العلماءِ والخلفاءِ والملوكِ والأمراءِ والوزراءِ والأثرياءِ والشعراءِ، وباستقراءِ هذا الكتابِ تجدُ حقيقتين مهمتين:
الأولى: أنَّ منْ تعلَّق بغيرِ اللهِ منْ مالٍ أو ولدٍ أو منصبٍ أو حرفةٍ، وكلهُ اللهُ إلى هذا الشيءِ، وكان سبب شقائِهِ وعذابِهِ ومحْقِهِ وسحقِهِ: {وَإِنَّهُمْ