إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساءُ، اليوم فحسْبُ ستعيشُ، فلا أمسُ الذي ذهب بخيرِهِ وشرِهِ، ولا الغدُ الذي لم يأتِ إلى الآن. اليومُ الذي أظلَّتْكَ شمسُه، وأدركك نهارُهُ هو يومُك فحسْبُ، عمرُك يومٌ واحدٌ، فاجعلْ في خلدِك العيش لهذا اليومِ وكأنك ولدت فيهِ وتموتُ فيهِ، حينها لا تتعثرُ حياتُك بين هاجسِ الماضي وهمِّهِ وغمِّهِ، وبين توقعِ المستقبلِ وشبحِهِ المخيفِ وزحفِهِ المرعبِ، لليومِ فقطْ اصرفْ تركيزك واهتمامك وإبداعك وكدَّك وجدَّك، فلهذا اليومِ لابد أن تقدم صلاةً خاشعةً وتلاوةً بتدبرٍ واطلاعاً بتأملٍ، وذِكْراً بحضورٍ، واتزاناً في الأمور، وحُسْناً في خلقِ، ورضاً بالمقسومِ، واهتماماً بالمظهرِ، واعتناءً بالجسمِ، ونفعاً للآخرين.
لليوم هذا الذي أنت فيه فتقُسِّم ساعاتِه وتجعل من دقائقه سنواتٍ، ومن ثوانيهِ شهوراً، تزرعُ فيه الخيْر، تُسدي فيه الجميل، تستغفرُ فيه من الذنب، تذكرُ فيه الربَّ، تتهيأ للرحيلِ، تعيشُ هذا اليوم فرحاً وسروراً، وأمناً وسكينةً، ترضى فيه برزقِك، بزوجتِك، بأطفالِك بوظيفتك، ببيتِك، بعلمِك، بمُسْتواك {فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ} تعيشُ هذا اليوم بلا حُزْنٍ ولا انزعاجٍ، ولا سخطٍ ولا حقدٍ، ولا حسدٍ.
إن عليك أن تكتب على لوحِ قلبك عبارةً واحدة تجعلُها أيضاً على مكتبك تقول العبارة: (يومك يومُك) . إذا أكلت خبزاً حارّاً شهيّاً هذا اليوم فهل يضُرُّك خبزُ الأمسِ الجافِّ الرديء، أو خبزُ غدٍ الغائبِ المنتظرِ.