لا تحزن (صفحة 129)

الساقطة، ومعانيهم الفاسدة، وأخلاقِهم الرديئة، وجهالاتهم المذمومة. لكان في ذلك السلامةُ ثم الغنيمةُ، وإحرازُ الأصل مع استفادةِ الفرْعِ، ولو لم يكن في ذلك إلا أنه يشغلك عن سخف المُنى، وعن اعتياد الراحةِ وعن اللَّعبِ، وكل ما أشبه اللعب، لقد كان على صاحبه أسبغ النعمة وأعظم المِنَّةَ.

وقد علمنا أن أفضل ما يقطع به الفُرَّاغُ نهارهم، وأصحاب الفكاهات ساعاتِ ليلهم: الكتابُ، وهو الشيء الذي لا يُرى لهم فيه مع النيل أثر في ازدياد تجربة ولا عقل ولا مروءة، ولا في صوْن عِرض، ولا في إصلاح دينٍ، ولا في تثمير مال، ولا في رب صنيعةٍ ولا في ابتداءِ إنعامٍ.

أقوالٌ في فضل الكتاب:

وقال أبو عبيدة: قال المهلَّب لبنيه في وصيته: يا بَنِيَّ، لا تقوموا في الأسواق إلا على زرَّاد أو ورَّاق.

وحدّثني صديق لي قال: قرأتُ على شيخ شامي كتاباً فيه من مآثرِ غطفان، فقال: ذهبتِ المكارم إلا من الكتب. وسمعتُ الحسن اللؤلؤي يقول: غبرتُ أربعين عاماً ما قِلتُ ولا بتُ ولا اتكأتُ، إلا والكتاب موضوع على صدري.

وقال ابن الجهم: إذا غشيني النعاس في غير وقت نوم. وبئس الشيء النوم الفاضل عن الحاجة. تناولتُ كتاباً من كتب الحِكم، فأجدُ اهتزازي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015