كالسماء، وحواسه مثل الكواكب. وتفصيل ذلك طويل.
وأيضا فإن في باطنه صناع العالم؛ لأن القوة في المعدة كالطباخ، والتي في الكبد كالخباز، والتي في الأمعاء كالقصار، والتي تبيض اللبن وتحمر الدم كالصباغ. وشرح ذلك يطول.
والمقصود أن تعلم كم في باطنك من عوالم مختلفة كلهم مشغولون بخدمتك، وأنت في غفلة عنهم، وهم لا يستريحون، ولا تعرفهم أنت، ولا تشكر من أنعم عليك بهم!!
وهو علم عظيم، والخلق غافلون عنه، وكذلك علم الطب. فكل من أراد أن ينظر في نفسه وعجائب صنع الله تعالى فيها يحتاج إلى معرفة ثلاثة أشياء من الصفات الإلهية:
الأولى: أن يعرف أن خالق الشخص قادر على الكمال، وليس بعاجز، وهو الله سبحانه وتعالى. وليس عمل في العالم بأعجب من خلق الإنسان من ماء مهين، وتصوير هذا الشخص بهذه الصورة العجيبة، كما قال سبحانه وتعالى: (إِنّا خَلَقنا الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ أَمشاجٍ نَبتَليهِ) ؛ فإعادته بعد الموت أهون عليه؛ لأن الإعادة أسهل من الابتداء.
الثانية: معرفة علمه سبحانه وتعالى، وأنه محيط بالأشياء كلها؛ لأن هذه العجائب والغرائب لا تمكن إلا بكمال العلم.
الثالثة: أن تعلم أن لطفه ورحمته وعنايته متعلقة بالأشياء كلها، وأنها لا نهاية لها؛ لما ترى في النبات والحيوان والمعادن من سعة القدرة وحسن الصور والألوان.