فقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ} أي: فإن لم تفعلوا في الماضي، ولن تستطيعوا ذلك في المستقبل، فثبت التحدي، وأنهم لا يستطيعون أن يأتوا بسورة من مثله فيما يستقبل من الزمان، كما أخبر قبل ذلك، وأمر النبي وهو بمكة أن يقول: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (?).
فعم بأمره له أن يخبر جميع الخلق معجزاً لهم، قاطعاً بأنهم إذا اجتمعوا لا يأتون بمثل هذا القرآن، ولو تظاهروا وتعاونوا على ذلك، وهذا التحدي لجميع الخلق، وقد سمعه كل من سمع القرآن، وعرفه الخاص والعام، وعلم مع ذلك أنهم لم يعارضوه، ولا أتوا بسورة مثله من حين بُعِثَ - صلى الله عليه وسلم - إلى اليوم والأمر على ذلك (?).
والقرآن يشتمل على آلاف المعجزات؛ لأنه مائة وأربع عشرة سورة، وقد وقع التحدي بسورة واحدة، وأقصر سورة في القرآن سورة الكوثر، وهي ثلاث آيات قصار، والقرآن يزيد بالاتفاق على ستة آلاف ومائتي آية، ومقدار سورة الكوثر من آيات أو آية طويلة على ترتيب كلماتها له حكم السورة الواحدة، ويقع بذلك التحدي والإعجاز (?)، ولهذا كان القرآن الكريم يغني عن جميع المعجزات