المقصود أن الكتابة أُذن فيها بعد المنع، وأجمع العلماء على جوازها، ولا شك أن للكتابة أثر في الحفظ، الإنسان الذي يعتمد على الحفظ دون الكتابة تستمر حافظته قوية، ويستذكر متى شاء، والناس يتفاوتون في هذا الباب، لما أذن بالكتابة صار الناس يكتبون كتابات فردية في المائة الأولى، ثم لما جاء عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الثانية أمر ابن شهاب الزهري بتدوين السنة، وهنا جاء التدوين الرسمي للسنة، فصنفت المصنفات في السنة، ثم أخذت تزيد قليلاً قليلاً إلى أن جُمع ما في الصدور، ما تفرق في البلدان، فصارت المؤلفات، هذا بالنسبة للسنة.

المقدم: يعني ما كتب عن الصحابة كانت كتابات فردية؟

كتابات فردية، كل يكتب لنفسه، ثم بعد ذلك أمر عمر بن عبد العزيز محمد بن مسلم بن شهاب الزهري بالكتابة الرسمية، ثم تتابع الناس في التأليف والتصنيف، فألفت المصنفات والموطئات والمسانيد والجوامع والسنن وغيرها من فنون الحديث الشريف، هذا بالنسبة لعلم الحديث.

علم اللغة بعد أن فتحت البلدان، واختلط العرب بغيرهم، وخيف أن وجدت مظاهر اللحن، احتيج إلى التدوين في اللغة، العلوم الأخرى كلها سبب التدوين فيها الحاجة الماسة إليها، ثم بعد أن جُمعت الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين، ودون فقه الصحابة، وفقه التابعين، بعد ذلك احتاجوا إلى مسائل وحوادث نازلة، فاضطر الناس إلى أن يقيسوا على ما جاء في الكتاب والسنة، وما جاء عن الصحابة والتابعين، وتوسعوا في هذا الباب، فاحتيج إلى تدوين المسائل الفقهية في كتب الفقه على شتى المذاهب، المذاهب الأربعة المتبوعة وغيرها، ثم احتيج أيضاً إلى علوم تخدم الكتاب والسنة، تخدم أيضاً ما ثبت عن السلف في أبواب الدين، احتيج إلى ما يسمى بعلوم أصول الفقه، ومصطلح الحديث، وعلوم القرآن وغيرها من العلوم التي تخدم الأصلين الكتاب والسنة، فدُونت المصنفات وتشعبت، وكثرت كثرة بحيث يستحيل الإحاطة بها، وبالتدريج ما من عالم إلا ولديه مكتبة، وما من عالم إلا وله مصنفات إلا ما ندر، إلا ما ضاع منها.

المقدم: هذا بالنسبة إلى ما يتعلق بالنسبة باللغة العربية وما بعدها أيضاً .. ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015