موجودة الكتب لا شك أنها كل مذهب فيه ما فيه، يعني الحنابلة والشافعية عنايتهم بالدليل ظاهرة، عناية المالكية من خلال شروحهم للموطأ، أما شروحهم لمختصراتهم فهم يقربون من الحنفية، يعني التعليل وتوجيه المذهب غالب مع صعوبة في العبارة، يربون عليها طلاب العلم عندهم، كما أشرنا، وهم يحاولون أن يحلو هذه؛ لكن من أمتع كتب المالكية شرح الحطاب على خليل، أيضاً شروح رسالة ابن أبي زيد ماتعة عندهم.
مذهب الحنفية عندهم شرح فتح القدير، وعندهم أيضاً البناية شرح الهداية للعيني، وهو مشارك في الحديث، يمكن أن يفاد من مذهب الحنفية من عمدة القارئ؛ لأنه فقيه حنفي، يشرح كتاب حديث، فهو يربط فقهه بالحديث، هذا إذا أردنا أن يفيد غير صاحب المذهب، أما صاحب المذهب لا بد أن يتربى على كتب المذهب كما أشرنا؛ لكن فقيه حنفي يشرح كتاب حديث يجمع بين الفقه والحديث، ويلين الفقه بهذه الطريقة.
أيضاً فقه المالكية إذا أخذناه من شروح الموطأ مثلاً، وهذا لا يعارض ما سبق أن ذكرناه، لا يعارض ما سبق أن ذكرته من أن الفقه يؤخذ من كتب الفقه لأرباب المذهب، نعم إذا أخذنا فقه الحنفية من شرح العيني على البخاري هو من أئمة المذهب، وقد ألف في فقه المذهب، لكن يهمني أن يربط الطالب بين فقه الحنفية مع الحديث من مأخذ، أيضاً لو جاء المالكي وأخذ شيء ما اعتمد اعتماد كلي، يأخذ بعد أخذه مذهب المالكية من كتب المالكية بعض المسائل التي يبسطها القرطبي وهو من فقهاء المالكية في تفسيره يكون جمع بين القول ومأخذه من كتاب الله -جل وعلا-.
أنا أريد أن يتربى طالب العلم على كتب الأئمة، الجواد المطروقة، ثم بعد ذلك أنا لا أريده أن يأخذ مذهب الحنابلة من تفسير القرطبي، ولا من شرح العيني على البخاري، لا مانع أن يأخذ إذا تأهل وقرأ المتون الفقهية في هذه المذاهب أن يأخذ فقه الحنفية والمسائل على مذهب الحنفية من شرح العيني على البخاري؛ لأنه فقيه حنفي، يعرف كيف يتعامل مع النصوص من خلال أصول المذهب.
القرطبي فقيه مالكي يعرف كيف يتعامل مع كتاب الله -جل وعلا- من خلال قواعدهم وضوابطهم.