الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ1} 2 ولكنكم لجهلكم بسنن الله، وإعراضكم عن تدبر وفهم ما جاء في كتاب الله، تقعون في مثل هذه الحماقات، فتنصرفون (بقلوبكم) عن القادر على كل شيء الذي هو معكم يسمع ويرى، وتتوجهون إلى الميت العاجز الذي هو في غفلة عنكم لا يسمعكم ولا يراكم.
أما نجاتنا، فلا أثر لابن عيسى ولا لغيره فيها البتة، وإنما الذي نجانا (بفضله وكرمه) هو العلي القدير وحده، دون أن يؤثر عليه دعاؤكم لصالح أو استغاثتكم بنبي، لأن الكل (الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين رضي الله عنهم) ليس معنا أحد منهم في تلك اللحظة الحرجة، وإنما الذي كان معنا (وحده) هو الله الواحد الأحد الذي يسيرنا في البر والبحر.
فقال أحدهم (متفلسفا) : نحن لا ننكر أن الله فوق الجميع بيده كل شيء، فقلت له: هذه مغالطة قديمة، قالها المشركون الأولون، وقولك هذا يخالفه فعلك، فلو كنت مؤمناً بما تقول إيماناً صادراً من قلبك، ما انصرفت في ساعة الكرب والشدة عن هذا الرب الخالق العظيم وتوجهت إلى المربوب الميت الحقير، فصرت أقل إيماناً وأضعف ثقة بالله من المشركين الأولين الذين يخلصون له الدين ويتوجهون إليه وحده في الشدة كما حكى ذلك عنهم.