وعندما كلف الله عز وجل موسى وأخاه هارون - عليهما السلام - بالرسالة خافا من بطش فرعون بهما وطغيانه عليهما: {قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى} [طه/45]، فماذا قال الله لهما: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه/46].
أخرج الإمام أحمد في الزهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما بعث الله عز وجل موسى وهارون عليهما السلام إلى فرعون قال: لا يغركما لباسه الذي ألبسته، فإن ناصيته بيدي، ولا ينطق ولا يطرف إلا بإذني (?).
من هنا يتأكد لدينا أن كل طلقة خرجت من بندقية عدو من أعدائنا لتصيب طفلا أو امرأة أو شيخا، ما كانت لتصيب هدفها إلا بإذن الله: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران/166].
ومع قيومية الله وإحاطته بجميع خلقه، فهو سبحانه قادر مقتدر لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، يفعل ما يريد، لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر/50].
وهو سبحانه لا يخاف من شيء - حاشاه - ولا يخشى عقبى شيء من أمره، كيف وهو صاحب هذا الكون والقائم عليه.
له جنود السماوات والأرض، لا يمكن أن يفر منه أحد من خلقه، أو يختفي عنه، أو يتحدى إرادته: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر/44].
فإن كان أحدنا في شك من هذه الحقيقة فليسأل نفسه: من الذي أهلك فرعون الطاغية وأغرقه هو ومن معه بعد أن كان يُنكل ببني إسرائيل ويسومهم سوء العذاب؟! ومن الذي قطع دابر قوم لوط؟ وأهلك ثمود؟: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} [الشمس/14، 15].