وصية أبي الدرداء:

عن أبي قلابة أن رجلا من أهل الكوفة لقي أبا الدرداء فقال: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام، ويأمرونك أن توصيهم. فقال: أقرئهم السلام، ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة.

والخزائم جمع خزامة، وهي حلقة من الشعر توضع في وتر أنف البعير يشد بها الزمام.

والمراد، أي: اجعلوا القرآن يقودكم واستسلموا له.

وقال رجل لأُبي بن كعب رضي الله عنه: أوصني. قال: إتخذ كتاب الله إماما، وارض به قاضيا وحكما، فإنه الذي استخلفه رسولكم، شفيع مطاع، وشاهد لا يُتهم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم.

وخلاصة القول: أن الانشغال بالقرآن هو نقطة البداية لحسن الدخول إلى مصنعه، لذلك فلا يصح أن يمر يوم دون لقاء ومعايشة مع هذا الكتاب.

فإن قلت: وكم من الوقت سأعطيه للقرآن؟

كلما أعطينا للقرآن وقتا أطول كان نضج الثمرة أقرب، والتغيير أسرع.

دفع شبهة:

ليس معنى الانشغال بالقرآن ترك القراءة والاطلاع في الكتب الأخرى من فروع الثقافة الإسلامية، ولكن القصد ألا تكون قبل القراءة، بل خادمة له، تدور في فلكه، وتُعد بمثابة المراجع لموضوعاته، تشرح علومه، وتفتح الآفاق لفهمه أكثر وأكثر، ويأتي على رأس تلك العلوم: السنة النبوية والتي تلي القرآن في الأهمية .. فهي شارحة له مبينة لكثير مما أُجمل منه.

بهذا المفهوم لن يكون هناك تعارض بين القرآن وبين كتابات العلماء، مع الوضع في الاعتبار أن جُلّ وقتنا ينبغي أن يكون للقرآن لنسمح له ونمكنه من إجراء التغيير المنشود داخلنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015