ولا ينبغي لمن وقع في المخالفة وارتكب الذنب أن يستغرب العقوبة: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [آل عمران/182].
عن إبراهيم النخعي قال: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء، أن قل لقومك: إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل يكونون لله عز وجل على طاعة فيتحولون منها إلى معصية إلا تحول الله عز وجل لهم مما يحبون إلى ما يكرهون.
وليس أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل يكونون لله عز وجل على معصية، فيتحولون إلى طاعة الله عز وجل، إلا تحول الله عز وجل لهم مما يكرهون إلى ما يحبون (?).
من هنا تتضح لنا الإجابة عن سؤال البعض: أين أثر دعائنا لله عز وجل الذي ندعوه ليل نهار بكشف الغمة عنا؟
إن الغمة لن تنكشف عنا بالدعاء فقط، بل لابد أن يسبق هذا الدعاء ويصاحبه تحول حقيقي عن كل ما يغضب الله، وانتقال إلى ما يرضيه، لابد من روح جديدة تسري في كيان الأمة فتوقظها من سُباتها، وتعمل على تغييرها تغييرا جذريا يشمل المفاهيم والتصورات، والسر والعلانية، والأقوال والأفعال.
لابد أن تعود الأمة إلى الله وتتجه إليه وتعمل على استرضائه.
لقد مرت على امتنا في الماضي أوقات عصيبة، وحدث لها من الأحداث المشابهة لما يحدث لنا اليوم ... هذه الأحداث كانت سببا في استنهاض همم بعض الغيورين على الدين من أمثال صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله - فعمد إلى نشر السنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستثارة همة الناس للجهاد في سبيل الله، ورغبهم فيه، فاستجاب له الكثيرون وخرجوا معه لتحرير القدس والمسجد الأقصى فنصره الله عز وجل نصرا مؤزرا، ولكن بعد موته - رحمه الله - وتولي أبناءه وأفراد أسرته الحكم من بعده بدأوا يتصارعون عليه فدب الوهن مرة أخرى في جسد الأمة وحدث لها ما حدث من أحداث جسام.