ومن فقه التعامل مع الأسباب:
أننا قد نُعذر إذا ما قصرنا في اتخاذ جميع الأسباب المادية لأمور خارجة عن إرادتنا، ولكننا لا نُعذر في عدم تعلقنا بالله عز وجل وتغيير ما بأنفسنا لأننا جميعا نقدر على ذلك.
ومن ذلك أيضا أنه إن كان قانون السببية من أهم القوانين الحاكمة للأرض، فإن السبب الأساسي الذي يستجلب النصر والتغيير هو تغيير ما بالنفس ونصرة الله عليها، وصدق التوجه إليه، وعدم التعلق بشيء سواه، كما قال تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد/7]، وقال: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران/120]، وقال: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر/36].
وعندما تُترك هذه القوانين يتعلق العبد بالأسباب المادية ولا يتعلق بالله عز وجل، فإنه يُخذل ولا يوفق، كما حدث للمسلين في غزوة حنين: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة/25].
من هنا يتضح لنا أن السبب المحوري للنصر والتغيير هو التعلق التام بالله عز وجل، وصدق التوجه إليه، وارتداء رداء العبودية له، وهذا لن يتم إلا من خلال تغيير ما بالنفس.
وخلاصة القول: أن الوضع المزري الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية ما هو إلا نتاج طبيعي لابتعادها عن الله وشرعه، وأنه سبحانه وتعالى يستطيع أن يغير ما حاق بنا في لمح البصر، وأنه لن يفعل ذلك مهما حدث لنا من ذل وهوان إلا إذا غيرنا ما بأنفسنا.
إذن فنقطة البداية التي ينبغي أن نبدأها للخروج من النفق المظلم الذي نسير فيه تبدأ مني ومنك .. فماذا نحن فاعلون؟؟
هل سنستمر في البكاء والأسف على أحوال أمتنا دون فعل شيء؟؟
هل سنظل في دائرة الإحباط التي ندور فيها؟ أم سنبدأ من الآن في تغيير ما بأنفسنا؟؟